Site icon IMLebanon

هل يُقرّر اللقاء الخماسي مُساعدة لبنان على عقد الحوار أم أنّ الوقت لا يزال مُبكراً لانتخاب الرئيس؟! 

 

 

لا يبدو أنّ هناك مخرجاً للأزمة الرئاسية بعيداً عن التوافق والحوار.. غير أنّ هذه الخطوة التي دعا اليها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي مرتين، وكرّر دعوته لسلوك طريق الحوار بعد جلسة الإنتخاب الـ 12 الأخيرة يوم الأربعاء الفائت التي لم تُنتج رئيساً للجمهورية، ليست ناضجة حتى الآن مع الإصطفافات السياسية وتمسّك كلّ فريق بمرشّحه. غير أنّ ثمّة فرصة قد تتيحها زيارة المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي الى لبنان جان- إيف لودريان الذي يبدأ مهمّته الرسمية اليوم في بيروت،وتشمل المحادثات مع المسؤولين السياسيين وسط الأزمة السياسية والإقتصادية والمالية التي تعصف بالبلد، وعجز المجلس النيابي عن انتخاب رئيس للجمهورية.

 

وترى مصادر سياسية مطّلعة بأنّ لودريان الذي يأتي ليستمع الى جميع المسؤولين والمعنيين بالإستحقاق الرئاسي، ورفع تقرير عن استطلاعاته الى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد يقترح في تقريره ضرورة إجراء طاولة حوار تضمّ جميع المكوّنات السياسية لحلحلة الوضع السياسي، الذي يستقرّ في مكانه منذ ما قبل مغادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قصر بعبدا في أواخر تشرين الأول الماضي. علماً بأنّ زيارته الحالية هي للإستماع وللإستطلاع، من دون إلغاء المبادرة الفرنسية أو تقديم أي جديد قبل العودة الى الرئاسة الفرنسية.

 

فتقرير لودريان سيتضمّن آراء جميع المسؤولين المعنيين بانتخاب رئيس الجمهورية، على ما أضافت المصادر، غير أنّه يتضمّن في الوقت نفسه بعض المقترحات أو مخارج للحلول من الأزمة المقفلة. ومن هذه الإقتراحات قد يكون تقديم فرنسا المساعدة للمــسؤولين اللبنانيين للإجــتماع معاً وإقامة الحوار اللازم لانتخاب الرئيس، فأي مرشّح يحتاج فعلياً الى 86 صوتاً مؤيّداً له من أصل 128 صوتاً نيابياً، ولأنّ أيا من الفريقين غير قادر بمفرده على تأمين هذه الأصوات للنصاب القانوني ومن ثمّ للإنتخاب، فليس من مخرج للإستحقاق الرئاسي والتوصّل الى انتخاب الرئيس الجديد سوى طاولة الحوار.

 

غير أنّ مساعدة فرنسا بمفردها قد لا تكفي، وقد لا تقتنع الكتل النيابية من الفريقين بضرورة التحاور لحلّ الأزمة السياسية. لهذا لا بدّ أيضاً من أن يُوافق السعوديون، على ما ترى المصادر، أو بالأحرى دول اللقاء الخماسي، غير المتفقة في ما بينها حتى الآن لا على إسم الرئيس ولا على الرؤية المستقبلية للبنان رغم التقارب الإيراني- السعودي الأخير،الذي لم تنعكس نتائجه الإيجابية بعد على الوضع في لبنان. من هنا، فإذا أظهرت الزيارة الإستطلاعية للمبعوث الفرنسي أنّه ليس هناك من طريق أخرى سوى الحوار،على المسؤولين اللبنانيين سلوكها لحلّ الأزمة الرئاسية وما يليها من إستحقاقات، فعليه عندها إقناع الدول الأخرى لاتخاذ قرار «خماسي» يُساعد على تقديم الحلّ للبنان.

 

ولكن ستنتظر الدول الخمس، وفق المصادر نفسها، حصول بعض التقارب السياسي بين المكوّنات السياسية قبل اقتراح هذا الأمر، لأنّ ذلك يُسهّل مهمّتها إذا قرّرت الدعوة الى الحوار. وعند موافقة الجميع على الجلوس الى الطاولة، لا يعود هناك أي فرق بين انعقادها في لبنان، أو في باريس أو في أي دولة أخرى.علماً بأنّ هذا التوافق لا يزال بعيداً عن الكتل النيابية، التي لا تزال مستمرّة في مشاحناتها السياسية ومواقفها نفسها، ويجد بعضها أنّ الحوار اليوم في غير توقيته، ولا بدّ للمعطّلين عدم الإنسحاب من جلسة الإنتخاب.

 

في المقابل، اعتبرت المصادر أنّ عدم صلابة «التقاطع» على إسم الوزير السابق جهاد أزعور، من خلال ما ذكره رئيس «التيّار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل بأن «لا ثقة له بالقوّات اللبنانية»، وبأنّ أزعور نفسه ليس مرشّحه ولا يمثّل رؤيته الخ… فضلاً عن موقف «اللقاء الديموقراطي» الذي أعلن أنّه ينتخب أزعور لمرة واحدة فقط، وموقف بعض النوّاب «التغييريين» غير المتحمّس له، وذهاب أحدهم (النائب ابراهيم منيمنة) الى الإعلان عن أنّ انتخاب أزعور هو بمثابة تجرّع السمّ.. كلّ هذا يعني أنّه في حال دعا برّي الى الجلسة الـ 13 لانتخاب الرئيس، فإنّ أزعور لن يحصل على أكثر ما كان يناله رئيس «حركة الإستقلال»النائب ميشال معوّض، أي ليس أكثر من أصوات أربعينية.

 

في المقابل، تبقى الأصوات التي انتخبت مرشّح «الثنائي الشيعي» والحلفاء ثابتة، ما يعني أنّ رئيس «تيّار المردة» سليمان فرنجية يُحصّل الـ 51 صوتاً في أي جلسة مقبلة. وهذا الأمر من شأنه فتح الباب على الحوار، والتوافق إمّا على فرنجية أو على أي مرشّح ثالث، على ما ذكرت المصادر، والذي قد يكون قائد الجيش العماد جوزف عون. علماً بأنّ «الوطني الحرّ» لا يؤيّده، في حين أنّ «القوّات اللبنانية» لا تُمانع وصوله الى قصر بعبدا. غير أنّ قائد الجيش ليس بالتحديد المرشّح الثالث أو التوافقي، ما يُبقي الأمور مفتوحة على أسماء كثيرة متوافرة تضمّنتها لائحة بكركي، أو من حتى خارجها.

 

تبقى المبادرة الداخلية لنائب رئيس مجلس النوّاب الياس بو صعب بهدف «مدّ الجسور» بين الفريقين مستمرّة، علّها تُواكب تحرّك الخارج أو مبادرته في اتجاه تسهيل عقد طاولة الحوار لإنهاء الأزمة الرئاسية اللبنانية. فكلّ شيء مرهون بما بعد نتائج زيارة لودريان الى بيروت.