حالة المراوحة القصوى تسيطر على المناخ الرئاسي، الذي يبدو عالقا في الأزمة الرئاسية نفسها، والمستمرة منذ سبعة أشهر، مع استمرار «الثنائي الشيعي» بدعم رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية ، مقابل رفض المعارضة بكل مكوناتها تبني هذا الترشيح، ولو اقتضى الأمر الإستمرار بدعم مرشح لا يعتبر برأي أركانها بأنه المرشح المفضل، ومع ذلك ارتأى المعارضون لفرنجية تجميع صفوفهم في المواجهة الرئاسية، لقطع الطريق أمام وصوله الى رئاسة الجمهورية.
مع ذاك يعتقد كثيرون ان «التقاطع» الرئاسي حول دعم المرشح جهاد أزعور، الذي فرضته ظروف المعركة الرئاسية، تدور حوله أكثر من علامة استفهام، وسط رهانات بان يتفكك ويضيع في أي وقت، سواء من خلال عبور «اللقاء الديموقراطي» الى موقع جديد قد يكون التصويت بالورقة البيضاء في الجلسات المقبلة، او إمكانية إنتقال تكتل «لبنان القوي» الى إجراء تكويعة رئاسية مفاجئة، خصوصا ان رئيس التيار النائب جبران باسيل يحاذر الوقوع في خطأ كبير مع حزب الله لا يمكن العودة عنه في المستقبل، وعليه يبقي باسيل نافذة صغيرة مفتوحة في العلاقة.
أمور كثيرة تعزز الانطباع بعدم صمود تقاطع المعارضة طويلا، فيصبح آيلا للسقوط في المستقبل ، وهذا ما تظهره الحسابات السياسية لكل من جنبلاط وباسيل ، فالفريق الجنبلاطي المنتقل حزبيا الى عهد النائب تيمور جنبلاط، على الرغم من مقاربته السياسية المختلفة عن والده، لا يمكن بنظر كثيرين ان يحيد عن ثوابت المختارة الأساسية ومنها العلاقة المستقرة والخاصة مع عين التينة، ويمكن تلمس شيىء من الوضعية «الإشتراكية» المقبلة في تغريدات النائب السابق وليد جنبلاط بعد تسلم تيمور رئاسة الحزب.
يمكن الركون أيضا الى التمايزات السياسية بين « الوطني الحر» و»القوات» للبناء على ان التقاطع الرئاسي يمكن ان يتعرض لأي انتكاسة في أي وقت، فما ان عبرت الجلسة التي تقاطع فيها الاثنان على إنتخاب المرشح جهاد أزعور، حتى عادت التباينات الى حالها السابقة، مع تجدد الشكوك «القواتية» من احتمال إنتقال باسيل الى المقلب الثاني، في حال ثبت تراجع فرص سليمان فرنجية الرئاسية، مما يجعل التيار يسير بأي مرشح ثالث.
لا يختلف اثنان على ان «التقاطع» الرئاسي الأخير بين «الوطني الحر» و»القوات» فرضه فقط ترشيح سليمان فرنجية، فالأول يرى في شخص فرنجية منافسا مسيحيا على الشعبية المسيحية للتيار التي ستتراجع مقابل «تيار المردة»، الذي سيعزز وضعه الحزبي في حال أصبح فرنجية رئيسا، كما حصل مع التيار في عهد الرئيس ميشال عون، فيما تعلل «القوات» رفضها بالأسباب السياسية، ولأن فرنجية من المحور السياسي المتخاصمة معه.
قد لا يكون جهاد أزعور «المرشح المفضل»، لكن «القوات» التي ترددت قبل الموافقة على ترشيحه تتمسك بدعمها له، اما «التيار الوطني الحر» الذي طرحت تساؤلات حول إجماع كل نوابه في مسألة التصويت لأزعور في جلسة ١٤ حزيران، فلم يصدر عنه بعد اي تأكيد صارم بشأن التصويت المقبل، مع أرجحية بقائه في هذا الخط الرئاسي راهنا لاعتبارات صارت معروفة، وتتعلق بالسعي الدائم لإحراق ترشيح فرنجية.
كل التوقعات تدل على بقاء أركان المعارضة على موقفهم الداعم حاليا لمعركة أزعور، حتى يتأكد لهما ان سليمان فرنجية لم يعد يملك الفرصة الرئاسية، وخصوصا التيار الذي يربط سلة شروطه الرئاسية المتداولة، بين تركه «مقاعد» المعارضة وعودته الى حزب الله بعد سقوط ورقة ترشيح فرنجية. لكن هذا السيناريو غير مطروح، كما تقول مصادر سياسية، لان «الثنائي الشيعي» صار أكثر تشددا بمرشحه فرنجية، فيما ينقل عن مصادر التيار انه باق على تنسيقه مع المعارضات، وسيتم التأكيد على استمرار التقاطع معها في أقرب اطلالة او بيان لتكتل «لبنان القوي»، إلا ان التيار ينتظر صدور تقرير لودريان وما سيحمله في جعبته عندما سيعود، ليبني على الشيىء قراره المقبل.