يُعلن الرئيس نبيه بري أن الإستحقاق الرئاسي «أصبح في الثلاّجة»، ولكنه لم يعلن أن الثلاجة قد ذاب فيها الثلج.
وكان الرئيس بري قد ودّع سنة 2015، بـ»تُذْكر ولا تعاد»، وودّع معها الشغور الرئاسي بالقول: «إنّ مشكلة الرئاسة مارونية…» وكرّرها ثلاث مرات على غرار ثلاثية الطلاق.
ونحن نبصم على ثلاثية الرئيس بري بالخمسة المارونية، ونضيف…
إن رئاسة الجمهورية منذ أن وُلدتْ مع دولة لبنان الكبير، ولدت معها المشكلة المارونية توأماً بالزنى، فكانت هذه المشكلة سبباً في إلغاء مارونية الرئاسة بانتخاب شارل دباس الأرتوذكسي رئيساً سنة 1926، وكانت المشكلة المارونية سبباً في محاولة إلغاء مسيحية الرئاسة سنة 1932 عندما تفوَّقتْ حظوظ بشارة الخوري فرشَّح إميل إده الشيخ محمد الجسر رئيساً، لو لم يحل دون وصوله المفوض السامي الفرنسي بحل المجلس النيابي وتعليق الدستور.
واستمرت رئاسة الجمهورية مشكلة مارونية محفوفة بالفوضى والإلغاء والشرور وصولاً الى هذا المدى العميق من الشغور.
ولعل المشكلة المارونية التاريخية مع رئاسة الجمهورية تكمن في ثنائية حصرية تحتكرها أو ثنائية ميليشياوية تصادرها والثنائيات تؤول الى استفحال المواجهات.
وفيما أدرك الرئيس نبيه بري أن هناك «مذهبية مارونية سياسية» قد تؤجّج فتنة المذهبيات الطائفية، إنطلق الى تلمّس الحل «بفتح الطريق أمام وجوه مارونية أخرى والطائفة المارونية غنيّة بالطاقات والشخصيات…».
ولو لم يفكّ الرئيس بري الحجاب المرصود عن شخصيات مارونية مجهّلة وعن رجالات مغيَّبين عن الترشيح ربما كانوا أعلم وأفهم وأحلم وأكرم وأرحم وأسلم، لكانت الطائفة المارونية مصابة بعقم نسائها ولكان الأفذاذ من رجالها مضروبين بالحرم كأنهم أشباح جزيرة في محيط لم يكتشفها بعد كولومبس. وفي أي حال: فإن العقلاء من الموارنة يأبون أن تظل الرئاسة المارونية «مشكلة مارونية» معرضة للفوضى والشغور والشرور.
ويأبون أنْ تظل كرة تتقاذفها سائر المرجعيات السياسية، ويتلاعب اللاعبون بها وبالقيادات المارونية المطروحة والمنطرحة على أبوابها كأنها جثث تتنفس.
وحتى «تُذكر ولا تعاد»… نتمنى لو أن الرئيس بري يطرح هذه الرئاسة سلعة للبيع في سوق النخاسة، لعلنا ننقذها من المشكلة المارونية وننقذ معها الموارنة من أقطاب الموارنة.
ومبارك «للقرعة» التي يقع عليها هذا التاج الذي يتسبب بوجع الرأس.