تعمّد رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع أن يردّ بسرعة عبر إطلالة تلفزيونية (ليس ببيان مكتوب)، على ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه برّي، عن أنّ مجموعة الدول الخمس لا تضع فيتو على أي اسم. الهدف من هذا الردّ والمواقف التي تلته واضح: لا يعتقد أحد أنّ صفقة رئاسية، يمكن أن تركب على ظهر لبنان، عندما يحين أوان المساومات في الجنوب، التي يريدها المفاوض الأميركي تطبيقاً للقرار 1701، ويريدها «حزب الله»، استكمالاً للسيطرة لست سنوات، على الرئاسة والحكومة والقرار.
أراد جعجع أن يقول لبرّي إنّ اللعب على حبال الكلام غير دقيق، وإنّ رئيس المجلس الذي يقصد أنّ مجموعة الخمس ليس لديها فيتو على ترشيح رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية، إنما كان يركّب بعض الطرابيش على طريقته المعروفة، لكن كلّ ذلك لن يحجب الوقائع، التي تقول إنّ مجموعة الخمس، لا تزال وهي على الأرجح ستبقى على تمسّكها، بدعم مرشح الخيار الثالث، الذي يعطي قائد الجيش الأرجحية.
ليس تفصيلاً أن تبادر المملكة العربية السعودية إلى لقاء القوى السياسية الحليفة في لبنان. في هذا السياق أتت زيارة كل من ملحم الرياشي ووائل أبو فاعور إلى الرياض، حيث سمعا معاً الموقف السعودي، غير الملتبس، المؤيد للخيار الرئاسي الثالث، ولتشكيل حكومة إصلاح، وسمعا أيضاً أنّ رئيس بعبدا ورئيس حكومة السراي وحكومته، يجب أن يكونوا جميعاً فريق عمل إصلاحياً، يشكّل المدخل والحافز، لعودة السعودية إلى مساعدة لبنان.
ليس تفصيلاً أن تقود السعودية مسار الحل الوسط في لبنان، هذا المسار ليس مفصلاً على قياس فرنجية، ولا على قياس القوى الحليفة للسعودية، بل على قياس ما يحتاجه لبنان فعلاً في هذه المرحلة، وعلى قياس التهدئة المستمرّة في العلاقة السعودية- الإيرانية، التي تقدّم فرصة واقعية لانتخاب رئيس بهذه المواصفات، على وقع الهدنة المتوقّع إعلانها في غزة.
أجهض الرئيس برّي مبادرة مجموعة الدول الخمس، لكن السؤال يبقى: هل سينجح الثنائي في الاستمرار في المكابرة والرهان على أن يكون انتخاب فرنجية جزءاً من التسوية الكبرى التي باشرا فعلاً في التفاوض عليها؟
تشير الوقائع إلى أنّ الدول الخمس باتت مجمعة على الخيار الثالث، ففرنسا التي غرّدت خارج السرب، عادت من البوابة السعودية إلى هذا الخيار، والولايات المتحدة الأميركية التي كانت معنيّة فقط بملء الفراغ الرئاسي، من دون التوقف عند من يكون شاغل بعبدا، عدّلت في موقفها، ربطاً بمعادلة أنّ الرئيس العتيد، يجب أن يحمل مسؤولية تطبيق القرار 1701، وألا يكون قراره في الضاحية.
بموازاة هذا الموقف الدولي والعربي المتّفق على كيفية التعامل مع الملف الرئاسي، تبدو المعارضة النيابية متماسكة، وقادرة على إجهاض أي صفقة رئاسية، ولو حاول رعاتها تمريرها تسللاً وفق معادلة «تركيب الطرابيش».