IMLebanon

هل يقتنع الجميع بحوار وطني من دون شروط وبلا مرشّحين لحلّ الأزمة الرئاسيّة؟! 

 

 

لا يزال طريق الحوار بين المكوّنات السياسية حول التوافق على رئيس الجمهورية المقبل غير سالك، رغم أنّه المخرج الوحيد الذي تجده دول الخارج في المرحلة الراهنة لحلّ الأزمة الرئاسية. فمن دون الإتفاق بين قوى المعارضة و”الثنائي الشيعي” وبقية الأفرقاء، على ما نُقل عن سفراء بعض الدول المعنية، واتفاق دول “اللقاء الخماسي” في ما بينها، قد يبقى لبنان بلا رئيس حتى العام المقبل. وإذ رفضت الكتل المسيحية، لا سيما أكبر كتلتين أي “التيّار الوطني الحرّ” و”القوّات اللبنانية”، مرتين دعوة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي للحوار، وقد كرّرها للمرة الثالثة في بيان على أثر الجلسة الـ 12 لانتخاب الرئيس، التي فشلت أيضاً في إنتاج رئيس الجمهورية ولم تلقَ آذاناً صاغية، كونهما يجدان بأنّ عقد “طاولة الحوار الوطني” تدخل ضمن “صلاحيات رئيس الجمهورية”، يُطالب “الثنائي” بحوار غير مشروط .

 

ويبدو أنّ العوائق التي تُواجه أي دعوة للحوار من أي جهة أتت، في ظلّ الشغور الرئاسي، لا تتوقّف على شكل هذه الدعوة، ومن يدعو اليها، على ما تقول مصادر سياسية مطّلعة، إنّما على ما يُفرض من شروط مسبقة تُعرقل الموافقة على الجلوس الى الطاولة. فحزب الله يريد حواراً غير مشروط، كون قوى المعارضة تُطالبه بسحب ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، لكي تتحاور معه على إسم رئيس الجمهورية المقبل، أي على إمكانية مناقشة أسماء أخرى مطروحة للرئاسة، مثل إسم قائد الجيش جوزاف عون أو الوزير السابق زياد بارود، على ألّا تستمرّ في تمسّكها بترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، كونها لم تتمكّن من أن تجمع حوله الغالبية المطلوبة لإيصاله الى قصر بعبدا.

 

والحوار الوطني لا يُمكن أن يتمّ، على ما أضافت المصادر، في ظلّ تمسّك كلّ فريق بمرشّحه، إنّما في ظلّ وضع الأسماء جانباً، والمضي في مناقشة شخصية أو مواصفات الرئيس المطلوبة، والتي تتوافق مع المرحلة التغييرية المقبلة على منطقة الشرق الأوسط. كذلك يجب أن يتوافق موقف الداخل النهائي مع موقف “اللقاء الخماسي” زائد إيران، كون هذه الدول هي المقرّرة والمؤثّرة في لبنان. أمّا سوى ذلك فيُنبىء بأنّ الأزمة الرئاسية ستطول، وأن انتخاب الرئيس لن يحصل قريباً.

 

فما يُطمئن المسيحيين، وفق المصادر نفسها، هو ذهاب حزب الله و”حركة أمل” من دون مرشّحهما فرنجية الى طاولة الحوار، ما يجعلهم بالتالي جاهزين لملاقاتهما اليها من دون أزعور. لهذا يجب العدول عن أمرين أساسيين أوّلاً: أن يستمر “الثنائي” في محاولة إقناع قوى المعارضة و”الوطني الحرّ” بفرنجية، أو أن يُحاول الفريق الآخر إقناع “الثنائي” بمرشحه أزعور، لأنّ أي منهما لا يُمكن أن يحصل، إلّا إذا أتت ضغوطات خارجية، وهي مستبعدة في الوقت الراهن. ولا بدّ بالتالي من التخلّي عن فكرة فرض الرئيس، أكان من هذا الفريق أو ذاك.

 

وتقول المصادر بأنّ التقارب السعودي- الإيراني لم يشمل الملف اللبناني، فالسعودية مهتمّة حالياً بتطبيق خطّتها 2030، في حين تنكبّ إيران على إعادة إحياء الإتفاق النووي مع الولايات المتحدة الأميركية. ويُترك لبنان في هذه الأثناء للتوافق الداخلي الذي لا يظهر أنّه سيحصل قريباً، في ظلّ استمرار تمسّك كلّ فريق بموقفه، من دون الأخذ بموقف شريكه في الوطن. فالحزب أعلنها صراحة أنّه لا يريد رئيساً يطعن بظهر المقاومة لعدم تكرار سيناريو 7 أيّار الشهير، في حين أنّ الفريق الآخر يرفض أن يُنتخب رئيس الجمهورية من دون أكثرية مسيحية، وهو ما يُشدّد عليه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي يقف على الحياد بين الفريقين، ويُطالبهما بالحوار والنقاش بهدف التوافق على إسم الرئيس.

 

أمّا عودة المبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي الى لبنان جان إيف لودريان المنتظرة في تمّوز الجاري، فلا تحمل حلّاً جاهزاً ستفرضه فرنسا ومعها دول اللقاء الخماسي الأخرى على لبنان، خصوصاً وأنّ هذه الدول، على ما أشارت المصادر عينها، لم تتفق بعد في ما بينها على إسم رئيس الجمهورية. فالفرنسيون قد يعدلوا عن معادلة سليمان فرنجية- نوّاف سلام، مقابل ترشيح زياد بارود، ولكن على الدول الأخرى التي تحبّذ وصول قائد الجيش مثل أميركا وقطر ومصر الموافقة على اسمه، قبل الداخل، أو إقناع فرنسا باسم العماد جوزاف عون. علماً بأنّ شيئاً لن يُبدّل هذه الموافق سوى التسوية الأميركية- الإيرانية التي لا تزال تحتاج الى بعض الوقت لكي تُصبح حقيقة واقعة.