IMLebanon

هل تشارك “القوات” في حوار بـ”صيغة فرنسية”؟

 

بمعزل عن «نوايا» «حزب الله» الحقيقية من الحوار الذي يدعو إليه حول الانتخابات الرئاسية، ترى أطراف عدة أنّ «الحزب» لن يدخل في مغامرة «تغيير النظام» في هذه المرحلة، بل قد يسعى إلى تثبيت «مكتسبات» فرضها «الأمر الواقع» وتكريسها دستورياً. في المقابل، هناك وجهة نظر مفادها أنّ «الحزب» يريد «ضمانات» فقط. أمّا «الحزب» فيقول إنّه يريد حواراً لمحاولة إقناع الآخرين بمرشحه.

 

على عكس مواقف تاريخية سابقة لـ»حزب الله»، تؤكد مصادر مطّلعة على موقفه أن «لا حديث في المثالثة». بدورها، تقول مصادر قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري: «اتفاق الطائف» ثمّ «اتفاق الطائف» إلى أبعد الحدود. لا نريد الهيمنة ولا المثالثة. نريد دولة المواطنية يكون أساسها العدالة. تبديل «الطرابيش» ليس حلاً ولا نقبل به».

 

على رغم مواقف «الثنائي الشيعي» هذه، هناك اعتبار مسيحي أنّ هذا الثنائي يحاول فرض رئيس الجمهورية الماروني على جميع اللبنانيين والمسيحيين والموارنة. كذلك هناك خشية مسيحية دائمة من «نوايا شيعية مبيتة» إمّا لانتزاع مكاسب جديدة ضمن النظام، وإمّا لتغيير هذا النظام. انطلاقاً من ذلك هناك توجُّس من دعوة «الحزب» المُشدّدة إلى حوار رئاسياً. هذا إضافةً إلى اعتبار البعض، وتحديداً حزب «القوات اللبنانية» أنّ الحوار ليس الحلّ لإنجاز الاستحقاق الرئاسي.

 

ولا ترفض «القوات» الحوار رئاسياً لأنّه بدعوة من «الحزب» فقط، فسبق أن رفضت الحوار الذي دعا إليه بري، كذلك رفضت أي حوار مسيحي- مسيحي برعاية بكركي أو غيرها، ورفضت أيضاً الحوار الثنائي المباشر مع «التيار الوطني الحر».

 

«القوات» تعلم أنّ «الانتخابات الرئاسية تتطلّب توافقاً». وتقول مصادرها: «لا ننكر هذا الأمر. لكن المشكلة بالفريق الآخر الذي ينكر ذلك. «حزب الله» يعترف ويقرّ بأنّ ميزان القوى لا يسمح لأي فريق بانتخاب مرشحه. لكنّه على رغم اعترافه بذلك علناً لم يذهب في اتجاه ترجمة ذلك. فإذا كان أي فريق غير قادر على إيصال مرشحه، فيجب التقاطع بين الفريقين. لكن الفريق الآخر يقفز فوق ذلك، ويؤكد تمسّكه بمرشحه، ويدعو إلى حوار ملزم.

 

وكلّ هذا يوصل إلى أنّ فريقاً واحداً يعطّل الاستحقاق الرئاسي. فلو ذهب في اتجاه التقاطع ضمن مساحة مشتركة لكان الاستحقاق الرئاسي أُنجز. ولو أنّه أخضع الانتخابات للآلية الدستورية لكان الوزير الأسبق جهاد أزعور رئيساً. وبالتالي، هو لا يريد أن يخضع الاستحقاق الرئاسي للآلية الانتخابية، ولا يريد أن يتقاطع مع الفريق الآخر على مساحة مشتركة، ويبقى متمسّكاً بمرشحه ويدعو إلى الحوار».

 

الرفض «القواتي» ليس رفضاً لـ»التوافق». لكن التوافق لا يحصل عبر الحوار، خصوصاً أنّ «الحزب» يريد حواراً حول إسم مرشحه المرفوض مسيحياً ومن كتل متنوّعة ومن غالبية نيابية لم تصوّت له في جلسة الانتخاب الأخيرة (77 نائباً). وبالتالي، إنّ «التقاطع» هو الأنجع رئاسياً ويوصل إلى الهدف المنشود مباشرةً. وتستند «القوات» في وجهة نظرها هذه إلى تجربة حديثة عملية منتجة.

 

فهي على رغم عدم عقدها حواراً مباشراً مع «التيار» أو مشاركتها في حوار مسيحي – مسيحي، تمكنت من خلال التواصل والاتصالات الثنائية المباشرة أو غير المباشرة من الوصول إلى «تقاطع» واسع على اسم أزعور مع «التيار» و»الحزب التقدمي الاشتراكي» وحزب «الكتائب اللبنانية» ومجموعة من النواب المستقلّين و»التغييريين». وتدعو «الحزب» إلى سلوك هذا المسار للوصول إلى «توافق» أو «تقاطع» عام، وهذا يحصل عبر معادلة طرح الأسماء وغربلتها للوصول إلى أسماء مشتركة.

 

هذا الموقف «القواتي» من الحوار واحد ولا يتبدّل مهما تبدّلت هوية الداعين إلى الحوار. لذلك، إذا كان مؤيدو رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجيه يراهنون على أن يحمل الموفد الفرنسي الرئاسي جان إيف لودريان معه في زيارته الثانية المرتقبة دعوات رسمية إلى الكتل الرئيسية للمشاركة في حوار «مغطّى» من الدول المعنية، يُعقد في بيروت أو في أي عاصمة أخرى، فـ»تنصاع» القوى السياسية كلّها إلى هذه الدعوة نظراً إلى أنّها تأتي من الخارج، فلن «يصحّ» هذا الرهان. وتقول مصادر «قواتية»: «موقفنا ثابت بمعزل عن صيغته وإذا كانت بهندسة لبنانية أو بهندسة فرنسية. فلا فارق بين الصيغتين بالنسبة إلينا».

 

الحوار بدعوة فرنسية أو غيرها لم يُناقش بعد مع القيادة «القواتية». فزيارة لودريان الأولى كانت استكشافية. أمّا في حال حمل معه في زيارته الآتية «طرح» الحوار، فسيكون جواب «القوات»واضحاً، ولن تبدّل في إجاباتها، فمن غير الوارد لديها الذهاب إلى حوار، لأنّ «هذه انتخابات رئاسية ولسنا في معرض نقاش حواري». وستشرح وجهة نظرها للودريان إذا طرح هذا الموضوع. علماً أنّها تنتظر ما قد يحمله، ربّما يكون في اتجاه تفاوض ثنائي حول أسماء معينة، مثلما حاول أن يفعل الرئيس السابق لـ»الاشتراكي» وليد جنبلاط في مرحلة سابقة.

 

رفض «القوات» للحوار، ينطلق أيضاً من رفضها تكريس أعراف جديدة خارج الدستور، فالانتخابات الرئاسية تحصل في البرلمان، ومن غير المقبول أبداً أن تُنجز «على طاولة حوار». إذ عندئذ، سيُكرّس ذلك، وتصبح أي انتخابات رئاسية مقبلة «في الحوار وليس في مجلس النواب». وبالتالي هذا تكريس لعرف جديد، بالنسبة إلى «القوات»، بعد «الثلث المعطّل» وتخصيص وزارة المال للشيعة، في مخالفة للدستور. لذلك، إنّ هذه المسألة، بالنسبة إلى «القوات» مبدئية دستورية غير قابلة للنقاش.