IMLebanon

الحوار قائم

 

 

نعم، الحوار لاختيار رئيس الجمهوريّة قائم على كلّ المنابر وعلى رؤوس الأشهاد. الحوار قائم بين ثلاثة أفرقاء:

 

– الفريق الأول، وهو الفريق الداعي إلى انتخاب رئيس يحمي المقاومة ولا يطعن المقاومة في الظهر. والباقي لا يهمّه. على رأس هذا الفريق «حزب الله» ومَن يقول قَولَه.

 

– الفريق الثاني، وهو الفريق الداعي إلى انتخاب رئيس يعمل على التكامل بين المقاومة والدولة! على رأس هذا الفريق النائب جبران باسيل و»تيّاره الحرّ» ومَن يقول قَولَهم.

 

– الفريق الثالث، وهو الفريق الداعي إلى قيام الدولة ومؤسّساتها بكلّ معانيها وإلى «رئيس يحمي ظهر لبنان وصدره وليس ظهر هذا او ذاك». على رأس هذا الفريق البطريرك الوطني الماروني ومَن يقول قَولَه.

 

الطريف في الأمر أنّ الفريقين الأول والثاني يعتبران أنّ منطق الفريق الثالث، حامل قضيّة الوطن وهمومه، هو منطق المواجهة والتحدّي. إذاً النقاش مفتوح علناً على مصراعيه ولا داعي لطاولات حوار بين حاملي الوكالات أيّ النوّاب، فيما الشعب المقهور المنكوب المنهوب صار مُلِمّاً بأدقّ التفاصيل ويعرف داءَه ودواءَه. فلنتحاور علناً وليَخْتَر كلّ مواطن أيّ رئيس يُريد.

 

الفريق الأول الذي لا يهمّه إلّا رئيس يحمي المقاومة ولا يطعنها في الظهر، الحوار معه إمّا غير ذي فائدة وإمّا مؤجّل، إذ أنّ اهتمامات هذا الفريق ليست لبنانيّة بل هيَ إقليميّة دوليّة، ولبنان بالنسبة له ليس إلّا ساحة متقدمة في صراعٍ ديني عقائدي توسّعي بعناوين لم تكن يوماً من أدبيات الكيان اللبناني على مدى تاريخه.

 

وهذا الفريق يعيش وكأنّه غير معني بهموم اللبنانيّين إذ أنّ مأكلَه ومشربَه ورواتبَه وأموالَه وتدريباتِه وسلاحَه ومدرستَه ومستشفاه مؤمّنة من الدولة الخارجيّة التي ينتمي إلى محورها.

 

أمّا بالنسبة للحوار مع الفريق الثاني الذي يدعو للتكامل بين الدولة والمقاومة، فنقول له إنّ هذا المفهوم لا يوجد له مثيل في العالم، لأنّه مفهومٌ ينتقصُ من سيادةِ الدولة ويَخدُشُ «عذريّتَها»، وهو إشراكٌ مُدَنَّسٌ يُحَرِّمُه الشرعُ والعُرفُ والدساتير، ولا يقبلُ به إلّا فاقدُ «الأخلاق» الوطنيّة. فالدولةُ تعني سيادة مطلقة على أراضيها بقواها الذاتيّة. الدولةُ تعني أن لا سلاح على أراضيها إلّا سلاح جيشها وقواها الأمنيّة. الدولة تعني أن لا أحد فيها، مهما علا شأنه، فوق سلطة القانون والقضاء والأحكام. الدولةُ تعني أنّ الجميعَ سواسية بالحقوقِ والواجبات وفي جبايةِ الرسومِ والضرائبَ والفواتير. الدولةُ تعني أن لا معابر غير شرعيّةٍ على حدودها. الدولةُ تعني أن لا تهريب ولا تهرّب ضريبياً في مطارها ولا في معابرها ومرافئها ومرافقها الشرعيّة. الدولةُ تعني حماية الملكيّاتِ العامّة والخاصّة وعدم التعدّي عليها من لاسا الى الضاحية الى رميش وغيرها. الدولةُ تعني عَدَم وجودِ مصانع كبتاغون ومخدّرات وممنوعات على أراضيها. الدولةُ تعني حماية الحرّياتِ الفكريّةِ والثقافيّة والسياسيّة مع حرّيةِ التَرَشُّح للانتخابات على مدى مساحة الوطن. الدولةُ تعني أن تُبعد مواطنيها عن التدخّل في أمورِ وشؤونِ الدول الأخرى، عربيّة كانت أم غير عربيّة. الدولة هي وحدها المؤتمنة على تأمين مقوّمات صمود شعبها ورفاهيّته من ماء وكهرباء وتعليم وسكن وعمل وضمان شيخوخة والحفاظ على ممتلكاته وأمواله وغيرها من الأمور.

 

هل من يشرح لنا كيف يكون التكامل بين الدولة والمقاومة؟؟ الدولة والمقاومة نقيضان لا يلتقيان. فالمقاومة لا تنمو ولا تستمرّ إلّا في غياب الدولة أو ضعفها، والدولة لا تقوم بوجود المقاومة. هكذا علّمنا التاريخ. وعليه يا حضرات النواب ويا حضرات المواطنين لكم الخيار في اختيار الرئيس. الخيار بين رئيس يحمي المقاومة أو رئيس يحمي الدولة. الباقي كلمات كلمات.

 

(*) عضو «الجبهة السياديّة من أجل لبنان»