تكشف أوساط سياسية واسعة الإطلاع، أن السيناريوهات الرئاسية التي كانت متداولة في الأشهر الماضية لم تعد قائمة اليوم، ومع بداية مرحلةٍ جديدة وعامٍ جديد، حمل معه روزنامةً من التحركات والمبادرات، ولم تقتصر على فريقٍ دون غيره، بل شملت غالبية القوى والأحزاب، التي لا تزال تعتبر أن المشهد السياسي وخصوصاً الرئاسي، يحمل أكثر من هامش داخلي، يسمح بأن تتبلور صورة الإستحقاق الرئاسي، وذلك على المستوى المحلي بالدرجة الأولى، من أجل تكوين خيار تتفق عليه هذه القوى، ومن دون انتظار الأطراف الخارجية المواكبة للإستحقاقات الدستورية.
وتشير هذه الأوساط إلى حديثٍ في الدوائر الديبلوماسية، يتناول الواقع الحالي وتحديداً عشية استئناف الجلسات النيابية لانتخاب الرئيس العتيد، ويركز على الدور المحلي في التوصل إلى ما يشبه الركيزة الأولى لهذا الإستحقاق، من دون إغفال الدور الذي تقوم به باريس على وجه الخصوص في الآونة الأخيرة، رغم أن وزير خارجيتها الذي زار بيروت أخيراً لم يطرح الملف الرئاسي مع أي من المسؤولين الذين التقاهم في الأيام الماضية.
وفي هذا المجال، تؤكد الأوساط المطلعة أن الموقف الفرنسي يختصر موقف عواصم القرار الغربية إزاء الملف اللبناني عموماً، وليس فقط الملف الرئاسي، حيث أن أي مقاربة خارجية لم تتبلور حتى الساعة. وبالتالي فإن العناصر الطاغية في هذا الملف هي لبنانية بنسبةٍ كبيرة، ومن الممكن أن تساهم في تغيير إيقاع الإتصالات الجارية على هذا الصعيد.
ويمكن الإستنتاج، كما تضيف الأوساط نفسها، بأن مطبخ المبادرات واللقاءات، قد عاد إلى العمل، رغم أن ما من خطوات عملية تسمح بترقب سيناريوهات سياسية أو معادلات نيابية في الجلسة الإنتخابية المقبلة التي سيدعو إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري. ولذا فهي ترى أن الحراك السياسي اتخذ في الأعياد، جانباً رئاسياً بالإضافة إلى الجانب الإجتماعي، بصرف النظر عن تأكيد القيادات المعنية بهذه اللقاءات بأن الترشيحات إلى رئاسة الجمهورية والتسميات، قد غابت عن الحراك السياسي والإجتماعي، والذي حمل عنواناً أولياً وهو تحريك الرمال الراكدة رئاسياً بالدرجة الأولى.
وعن النتائج المباشرة لهذا الحراك، تشير الأوساط المطلعة نفسها، إلى أن الإهتمامات تشمل في الوقت الحالي، التخفيف من وطأة الخلافات والإنقسامات السياسية، والتي بلغت مرحلةً متقدمة في الساعات الـ 48 الماضية، وأثارت الغبار في الوقت الذي تتركز فيه المساعي على التهدئة وفتح قنوات التواصل في كل الإتجاهات، وتسيير شؤون المواطنين بعيداً عن أي تشنج.
أمّا على مستوى إعادة إحياء طرح الحوار حول الإستحقاق الرئاسي وفي المجلس النيابي، فإن هذه الأوساط، لا تنكر أن الكواليس السياسية تشهد طرحاً متقدماً يتناول هذا الحوار من خلال آلية جديدة، تهدف إلى تذليل اعتراضات القوى السياسية التي عارضت في السابق أي دعوة إلى الحوار، ما ساهم في صرف النظر من قبل الرئيس بري، على الدعوة التي كان قد قرر توجيهها إلى رؤساء الكتل النيابية في الأسابيع الاخيرة من العام الماضي.