مسعى عوني لإرباك علاقة حارة حريك وبنشعي… وتحرير جنبلاط من مطلب بري
يعود الملف الرئاسي كل فترة ليحتل الموقع الاول في القضايا العالقة، على الرغم من محاولة المسؤولين تمرير مواضيع مختلفة كي يتلهى بها اللبنانيون، منها لعبة الدولار وتحليقه المتواصل والاسعار الخيالية، ومن ثم الهزّات التي أنست اللبنانيين همومهم المعيشية لفترة، بعدها اتت جباية فواتير كهرباء الدولة، التي بدأت منذ ايام فأشعلت مواقع التواصل الاجتماعي، التي دعت المواطنين الى العصيان وعدم دفعها، نظراً الى تسعيرتها الخيالية على الرغم من غياب التغذية الكهربائية، وعدم تخطيها الساعتين خلال اليوم في معظم المناطق اللبنانية، والنتيجة فواتير نارية لا تختلف كثيراّ عن فواتير المولّدات، التي تكوي نفوس وجيوب اللبنانيين مطلع كل شهر.
هذه القضايا شغلت اللبنانيين التواقين الى تأمين ادنى متطلبات العيش الكريم، في وطن يغيب فيه مسؤولوه عن السمع وغير آبهين لما يحصل، فيما تتواصل الاصوات الخارجية مكرّرة الدعوات والاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، قبل الارتطام الكبير الذي يقترب وفق ما ينقل ديبلوماسيون لكبار المسؤولين ، لحثهم على التحرّك والاتفاق على اسم الرئيس، لكن وكالعادة من دون ان تفلح تلك الاصوات في دفعهم الى حل هذه المعضلة، التي بدأت ليل 31 تشرين الاول الماضي تاريخ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، وعلى ما يبدو انّ الفراغ الرئاسي مرشح للامتداد لفترات طويلة، إلا اذا اراد البعض إنقاذ البلد قبل الانهيار النهائي، الذي بات قاب قوسين وبمعرفة الداخل والخارج معاً.
الى ذلك، ما زال معظم الاطراف السياسيين يطرحون الاسماء الرئاسية في الكواليس والخبايا، لكن يبرز اسما قائد الجيش العماد جوزف عون، ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، كمرشحين منافسين لغاية اليوم، مع تأرجح نسبة التأييد لدى الطرفين كل فترة، وتؤدي هنا التوقعات الدور الاكبر، بحسب المحللين والمقرّبين من الرجلين، فتارة يغلب فرنجية عون وبالعكس، الى انّ اعلن وزير سابق وبالصوت العالي قبل فترة وجيزة، متحدّياً الجميع بالقول: ” فرنجية هو الرئيس المرتقب ونقطة على السطر”.
ومن هنا يبقى السؤال ما مدى تمكّن فرنجية من تأمين الغطاء الداخلي والخارجي لوصوله؟ إذ قد يكون حاز بعض التطمينات الداخلية، وهذا ما أظهره في زيارته الأخيرة للبطريرك الماروني بشارة الراعي، متناسياً “الفيتو” القواتي والعوني، مما يعني صعوبة كبيرة في الوصول الى القصر الجمهوري، خصوصاً انّ الغطاء المسيحي غائب بقوة، الى جانب الغطاء الخارجي وخصوصاً السعودي، فيما يبرز بعض الغزل الفرنسي تجاه فرنجية من ناحية عدم رفضه من قبل باريس.
وعلى الخط الفرنسي ايضاً، افيد انّ اجتماعاً مغلقاً عقد في باريس قبل ايام قليلة بين ديبلوماسيين معنيين بأزمة الرئاسة في لبنان ، حيث طُرِح اسم شخصيّة لبنانية ببالغ الجديّة، تمتلك باعاً طويلاً في العمل الديبلوماسي، وتردّد ان بكركي لا تمانع وصولها، وهذا يعني انّ الاسماء الرئاسية تبقى قيد التداول، وسط معلومات عن أنّ كلمة السر الخارجية قد تأتي فجأة، من خلال اسم وسطي مقبول من اكثرية الاطراف، وعندئذ تحل المعضلة وإلا سنبقى ننتظر ذلك الحل الآتي من الخارج.
وفي هذا الاطار، يتم التداول ايضاً باسم نائب سابق كمرشح وسطي للرئاسة، اذ عقدت لقاءات بعيدة عن الاعلام للاتفاق على اسمه، وسبق ان طرحته بعض الاطراف المسيحية، لكن لغاية اليوم لم تصل المحادثات الجارية الى خاتمة سعيدة، في انتظار المزيد من المشاورات.
وفي إطار الجهود القائمة لإيصال فرنجية الى الرئاسة من قبل الثنائي الشيعي، لا تستبعد مصادر سياسية مطلعة على جهود الثنائي، إمكان وصوله وحتى اختراق صفوف تكتل ” لبنان القوي” من خلال 6 نواب، الامر الذي أزعج رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الخائف من هذا الخرق، خصوصاً انّ اجتماعات التكتل لا تخلو من التباين في الآراء. وانطلاقاً من هنا، تتوقع المصادر المذكورة أنّ يعلن باسيل ترشحه لقطع درب بعبدا امام فرنجية، ووضع حزب الله ضمن خانة الإرباك برأيه، على الرغم من معرفته بأن لا حظوظ له بالنجاح، لكن بهذه الطريقة يعتبر باسيل ان الحزب يكون قد خسر الاصوات التي يمكن ان يعوّل عليها لانتخاب فرنجية. كما انّ ترشّح باسيل يعطي الحرية لرئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط من التزامه تجاه حليفه رئيس المجلس النيابي بري من التصويت لفرنجية، وهو سبق ان اعلن رفضه لذلك، لان فرنجية لا يحظى بتأييد الكتلتين المسيحيتين اللتين تمثلان النسبة الكبرى من المسيحيين، أي” القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، الامر الذي يعيق مهمة الثنائي في تأمين 65 صوتاً لفرنجية.
هذه الصورة الرئاسية تشير الى انّ باسيل “سيلعبها صولد” وقريباً جداً على ما يبدو، لانه شعر بسخونة ستستهدفه، لذلك ” “سيطحش ” قبل فوات الاوان.