IMLebanon

“الرئاسي” حُسِم وينتظر “الحكومي”

 

 

خلافاً لكل التفسيرات التي تُعطى لإعلان «الثنائي الشيعي» دعمه ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، فإنّ الانطباع السائد هو انّ هذه الخطوة ستستعجل الخطى في اتجاه إنجاز الاستحقاق الرئاسي لأنها ضيّقت الخيارات امام الجميع تحت وطأة الانهيار المتتالي في الاوضاع الاقتصادية والمالية والذي باتَ لا تحمد عقباه.

يستغرب المطّلعون على موقف الثنائي الشيعي تفسيرات البعض في انّ دعمه لترشيح فرنجية قد «أحرقه او سيؤدي الى إحراقه» لمصلحة «خيار ثالث» أو خطة B لديه، هي أصلاً غير موجودة في قاموسه السياسي. ويقول المطلعون ان هذه الخطوة أولاً لم تأت من فراغ وإنما بالاستناد الى معطيات تتصل بطبيعة ما يجري في شأن الاستحقاق الرئاسي داخليا وخارجيا. وثانياً هي لِحَض الآخرين على اعلان مرشحهم (او مرشحيهم)، لتحصل عندها معركة انتخابية ديموقراطية وليفز فيها من ينال تأييد الاكثرية النيابية سواء كانت مطلقة او موصوفة، ذلك انّ الوقائع أثبتت على مدى 11 جلسة انتخابية ان ليس هناك من إمكانية للتوافق على مرشح واحد، واذا استمر الوضع على ما هو عليه فسيطول أمد الفراغ الرئاسي الى فترة طويلة، خصوصاً اذا بقي كل فريق متمسّكاً بمرشحه الفاقِد تأييد الاكثرية، رافضاً النزول عن الشجرة التي أصعد نفسه اليها وبات أسير موقفه وشعاراته.

 

ويقول هؤلاء المطلعون ان المعطيات السائدة تؤكد ان سدة رئاسة الجمهورية ستؤول عاجلا ام آجلا الى فرنجية، لأنّ فريق المعارضة ليس بقادر حتى الآن على الاتفاق على مرشح جدي منافس له او على تأمين الاكثرية المطلوبة لتأمين فوز هذا المرشح سواء بقيَ النائب ميشال معوض او تم استبداله بمرشح آخر، علماً انه اذا لم يتأمّن نصاب أكثرية الثلثين في دورتي الاقتراع الاولى والثانية لا يمكن لمرشح المعارضة ولا لمرشح الموالاة ان يفوز بالاكثرية في الدورة الاولى اذا كان نصابها كاملاً، لأنّ عليه ان يفوز من الدورة الثانية في ظل توافر نصاب الثلثين نفسه.

 

ويرى المطلعون انّ دعم الثنائي الشيعي لفرنجية الذي سيعلن ترشيحه رسمياً قريباً، فتحَ معركة الانتخابات الرئاسية على مصراعيها، فالاكثرية المطلقة متوافرة للرجل ويمكنه ان يفوز بها في الدورة الاولى إن توافَر نصاب الثلثين، وكذلك في الدورة الثانية ان استمر هذا النصاب متوافراً، وهذه الاكثرية هي التي فاز فيها رئيس مجلس النواب نبيه بري يوم انتخابه في حزيران الماضي غداة انتهاء الانتخابات النيابية وتسلّم المجلس النيابي المنتخب مهماته. لكنّ الثنائي يعمل في اتجاه الآخرين من نواب وكتل على تأمين أوسع تأييد لفرنجية بما يفوق الـ 70 صوتاً.

 

ولذلك يقول المطلعون أنفسهم انّ الخطوة التالية التي يُعمَل عليها بعد دعم ترشيح فرنجية هي تأمين نصاب اكثرية الثلثين لانتخابه في دورتي الاقتراع، ولذلك تتركز الاهتمامات على تكتل «لبنان القوي» الذي لم يعلن حتى الآن اي موقف من دعم «الثنائي» لترشيح فرنجية وسط معلومات تؤكد انّ رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل عَمّم على اعضاء التكتل وعلى «التياريين» عدم التعليق لا سلباً ولا ايجاباً على هذا الامر، على ان يعلن هو الموقف المناسب في الوقت المناسب في ظل رجحان كفة انه لن يهدم كل الجسور بينه وبين الثنائي الشيعي عموماً، وتحديداً بينه وبين «حزب الله» الذي يربطه به «تفاهم مار مخايل» على رغم من اعتراف طرفيه بأنه يمر في «مرحلة حرجة».

 

وفي اعتقاد المطلعين انّ باسيل لن يندفع الى الخروج نهائياً من التفاهم مع «حزب الله»، خصوصاً في ضوء إعلان أمينه العام السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير عن تمسّكه به حتى ولو كان لكلّ مِن طرفَيه خياره الرئاسي المختلف عن الآخر في الاستحقاق الرئاسي.

 

ولا يستبعد هؤلاء المطلعون ان يجد باسيل نفسه قريباً امام احد خيارين: إمّا ترشيح نفسه لينزل عن الشجرة والدخول في تسوية تضمن له ما يطمح إليه من مكتسبات سياسية وغيرها في ظل العهد الرئاسي الجديد، وإمّا ان يبقى على رفضه تأييد فرنجية مُنسجماً مع نفسه، ولكنه يترك لأعضاء تكتله النيابي حرية الانتخاب ليُدلوا بأصواتهم الى من يشاؤون، وبالطبع فإنهم سيصوّتون في هذه الحال على الأرجح لفرنجية. وثمة خيار ثالث هو ان يحضر التكتل جلسة الانتخاب ويؤمن نصابها في دورتيها الاولى والثانية ويقترع بورقة بيضاء، وفي هذه الحال يصبح حضور تكتل «الجمهورية القوية» من عدمه غير ذي نفع اذا أصرّت «القوات» على موقفها بمقاطعة جلسة الانتخاب، ما يعني انّ التسوية ستأتي على حسابها وكذلك على حساب التيار الوطني الحر، في حال بقي على رفضه هذه التسوية.

 

امّا على صعيد الشق الآخر من التسوية الرئاسية فإنّ الجهود منصبّة على إنجازه، خصوصاً انّ هناك اقتناعاً لدى الجميع في الداخل والخارج ان «الثنائي الشيعي» مع حلفائه لن يتخلوا عن ترشيح فرنجية، وانهم لم يطرحوه للمناورة على الاطلاق، فتجربة الرئيس ميشال عون ليست شبيهة بتجربة فرنجية، لأنّ «حزب الله» فقط هو من تمسّك بعون فيما حركة «أمل» لم تنتخبه، مع العلم انه لو لم يؤيّد الرئيس سعد الحريري وتياره «المستقبل» و»القوات اللبنانية» انتخاب عون لَما كان قد انتُخب يومها، ولربما كانت البلاد بقيت بلا رئيس الى زمن طويل.

 

ولذلك، فإنّ البحث يتركّز على اختيار الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة الاولى في العهد الرئاسي الجديد، فبحسب التسوية المحكي عنها ان تأتي بالقاضي نواف سلام رئيساً للحكومة. لكنّ البعض يرى ان سلام ليس محسوماً وان مروحة الاسماء المطروحة تضم اليه الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس تمام سلام والنائب فؤاد مخزومي، فيما يقول البعض ان تسمية رئيس الحكومة تبقى مرهونة بالموقف الخليجي الذي عادةً ما يكون له نَفَس في هذا الشأن تِبعاً للتجارب منذ استقلال لبنان وحتى اليوم.