في خضم الإجتماعات واللقاءات والمشاورات في الداخل او في الخارج، تقول المعلومات الصحفية، وهي غالبا صادقة ان كل هذه الموجة تهدف الى انجاز اهم استحقاق دستوري في البلد وهو انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
الشعب اللبناني رحب ويرحب في كل هذه الحركة السياسية حتى ما يتم منها خارج الحدود مع ان ثمة عدة ملاحظات تنبىء بمزيد من التدخل الأجنبي في شأن لبناني صرف.
ويبقى مهما ان نلاحظ اننا لا نعرف بعد ما هو البرنامج الإقتصادي للعاملين في موضوع الإنتخابات ترشحا او مساعدة خاصة واننا نشاهد كل يوم المزيد من الإنهيارات في سعر صرف العملة الوطنية وفي بنية الإقتصاد اللبناني بشكل عام.
كل ما يتردد ذكره امران: الأول: السعي الدائم للإستدانة من صندوق النقد الدولي وهذه في احسن الحوال لا تزيد عن بضعة آلآف من الدولارات كما لو ان الأزمة الإقتصادية والنقدية لا تتجاوز العشرة آلآف دولار اميركي مع ان قيمة العجز والإنهيار تفوق هذا المبلغ اضعافا مضاعفة.
الأمر الثاني هو الإتكال كما في كل مرة على هبات مالية ومساعدات موعودة من دول مانحة اذا ما نفذ لبنان بعض الإلتزامات الدولية الإنسانية والسياسية. ولكن لم يظهر ما يؤكد ان هذه المساعدات سوف تقدم فعلا سيما وان الدول الغنية تخلت منذ فنرة طويلة عن منح اموال خاصة الى لبنان لأن الأموال التي منحت في السابق جرى استعمالها بدون وجه حق في مصلحة المنظومة السياسية الحاكمة.
يضاف الى ما تقدم الإنهيار الواسع النطاق الذي دب في البناء الإداري للدولة مع نتائجه المؤذية على الإنتاج الإداري وكذلك الإنعكاسات السلبية على رواتب القطاع العام مما ادى الى تخفيض عدد ساعات العمل اي تخفيض الطاقة الإنتاجية.
وما قيل اعلاه عن مشكلة بنيوية في البناء الإداري للدولة يعاني مثلها سلك القضاء ايضا الذي بدأ يحيد عن اهدافه ما يشكل خطرا فادحا على مصالح الناس وحقوقهم.
بيد ان الأصعب من كل ما تقدم هو الوهن الذي بدأ يصيب المؤسسات الأمنية لا سيما الجيش والتي تعتبر من اهم عناصر استقرار الدول وان اصابة هذه المؤسسات تهدد بما لا يقبل الجدل وحدة المجتمع اللبناني وكيان الدولة السياسي.
استعرضنا هذه المشاكل وهي غيض من فيض لنقول انه لا يبدو حتى الآن ان اجتماعات الإنتخابات الرئاسية تتطرق اليها. لكن يبدو مما يتردد في وسائل الإعلام وفي التحاليل الصحفية ان تلك الإجتماعات تتمحور حول تنازلات من هنا ومن هناك وتسويات لا علاقة لها بانتخابات رئاسة الجمهورية وانما لها علاقة بمصالح دول اخرى قريبة او بعيدة.
يأمل اللبنانيون ان لا تتوسع هذه التنازلات لتشمل القرار السياسي للدولة ولقرار السيادة الوطنية للأرض اللبنانية نظرا لخطورة هذه التنازلات التي تمس الصيغة اللبنانية بمختلف اشكالها. كما يأمل اللبنانيون الخروج سريعا لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية تجنبا للمزيد من الأضرار والمزيد من الإنهيارات التي لم تعد محتملة.
لذلك ان اللبنانيين لن يقبلوا بعد اليوم بأمرين: الأول: هو ان تكون ارض لبنان وشعبه محلا لتسويات سياسية لا علاقة لنا بها سيما وانها تتم على ارضه وعلى حسابه.
ثانيا: لن ينتظر اللبنانيون البيان الوزاري كي يعرفوا كيف ستكون آلة الحكم القادمة اذ صار مطلوبا من كل من ينشط في مسألة انتخاب رئيس الجمهوربة ان يطلع اللبنانيين على برنامجه السياسي والإقتصادي والأمني ويكون التأييد على هذا أساس هذا البرنامج وليس على اساس وعود لن يتحقق منها شيء.
* مدعي عام التمييز سابقاً