IMLebanon

سقطت مقولة «لبننة الاستحقاق» بترك الخارج يقرّر انتخاب الرئيس

الكلام عن «فرض مرشّح الممانعة» لا يستقيم مع محاولة المعارضة فرض مرشّحها

ما زالت المكابرة تتحكم بمعظم القوى السياسية التي فشلت على مدى عشرة أشهر في انتخاب رئيس للجمهورية، وفي تنظيم الاختلاف حول إدارة شؤون البلاد والعباد، الأمر الذي سمح للدول المعنية بالوضع اللبناني التدخّل بقوة وبموافقة ضمنية من قوى الداخل، التي من ضمن المكابرة تدّعي رفض التدخلات وتتحدث من دون طائل عن «لبننة» الاستحقاق الرئاسي، وهي عاجزة عن تعيين مدير عام أو ضابط كبير نتيجة خلافاتها وانقساماتها، وتستدرج الخارج المهتم بلبنان أكثر من بعض اللبنانيين أنفسهم، الى التدخّل في استحقاق وطني ودستوري.
لذلك فشلت الجلسة الثانية عشرة لإنتخاب رئيس للجمهورية، نتيجة هذه المكابرة والفشل السياسي في إدارة أمور الدولة وتنفيذ الدستور، ونتيجة توزّع الولاءات وتناقض الحسابات وبالعامية «تركيب الطرابيش». ولذلك تماهى عملياً نواب الأوراق البيضاء والمرمّزة بشكل مباشر مع إشكالية تعذّر انتخاب الرئيس نتيجة الاصطفاف الحاد بحجب أصواتهم عن سليمان فرنجية وجهاد أزعور، تاركين لمساعي التوافق على انتخاب رئيس مقبول يحمل رؤية إصلاحية ولو بالحد الأدنى. وبالتالي بات الكلام عن «فرض مرشح الممانعة» لا يستقيم سياسياً مع محاولة المعارضات فرض مرشحها عبر التهديد بتعطيل النصاب ما يعني لا رئيس. كما لا يستقيم الكلام عن «مرشح المسيحيين، أو ضرورة توفير الميثاقية، أو تقاطع الأضداد على مرشح لهدف هو إسقاط المرشح الآخر» بما يعني لا انتخاب رئيس. كما لا يستقيم الكلام عن «لبننة» الاستحقاق الرئاسي.

هذا الاستعصاء كان وراء اقتراح نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب إجراء انتخابات مبكرة في الوقت المستقطع، علّه يحرك ضمير المعنيين، لكنه بدل ذلك آثار غضبهم ورفضهم، ربما لأن التحكم بمفاصل الدولة واللعبة السياسية الداخلية يروق لهم بعدما ثبّت كل طرف حضوره التعطيلي لا المنتج للحلول، وفرض إيقاعاً غير مسبوق على حركة المجلس النيابي.
وهناك من يرى ان اقتراح الانتخابات المبكرة قد يكون أحد المخارج السياسية المنطقية والدستورية كما يحصل في دول كثيرة يتعذر فيها التفاهم الوطني ويبلغ الشلل حد الموت غير الرحيم للبلاد وأهلها، فكيف بعدما أصبح انتخاب رئيس للجمهورية موضوع انقسام وطني كبير بعناوين فضفاضة لا تعكس واقع الأزمة وخطورتها بقدر ما تعكس الوضع المأزوم للقوى السياسية.

وقد يصحّ من وجهة نظر أخرى إن هدف الاقتراح هو محاولة تغيير التوازنات الحالية القائمة في المجلس التي تعتبرها المعارضات لمصلحتها، برغم موافقة أطراف أخرى من المستقلين كالنائب فيصل كرامي، وبعض نواب التغيير على الاقتراح، ولو كان لكل طرف سببه للقبول بالاقتراح. «إذا كان سيُنهي حالة الاستعصاء القائمة، أو إذا كان يمكن أن يؤدي الى إعادة نظر الناخبين بالتصويت للقوى السياسية التقليدية المسؤولة عن حالات الاستعصاء والانهيار».
وثمة رأي دستوري يقول انه يمكن اللجوء الى الانتخابات المبكرة في حال «أن يكون مجلس النواب عاجزاً عن انتخاب رئيس والقيام بمهامه التشريعية، ومنها عدم إقرار الموازنة العامة، ويتم طلب حل مجلس النواب سواء من رئيس الجمهورية عبر الحكومة (المادة 55)، أو باقتراحات قوانين نيابية لتقصير ولاية المجلس؟ أم يذهب نصف أعضاء المجلس وأكثر، لا سيما نواب طوائف بأكملها الى الاستقالة، بحيث يفقد المجلس ميثاقيته ويتم فرض إجراء انتخابات مبكرة؟ لكن يبقى القرار بيد الهيئة العامة للمجلس.
ومع هذه المواقف والتقديرات والتكهنات والتحليلات، وبرغم حالة الانهيار والشلل، سيسقط حكماً إقتراح الانتخابات المبكرة وغيره من اقتراحات توافقية أو حوارية، بعدما قررت الأكثرية السياسية انتظار الخارج ليقرر عنها واجباتها الدستورية والوطنية، والكل يعرف ما للخارج من حسابات ومصالح ليفرض تسوية قد تطول أو تقصر حسب التفاهمات الخارجية التي قد تطول أو تقصر، بخاصة انه لا يتم فعليا الاحتكام الى الشعب الذي أصبح في وادٍ غير وادي السياسيين الذي أدّى الى جهنم.