الأحداث الأمنية هل تعيد الحضور إلى الاستحقاق الرئاسي الغائب؟
مع أن الأحداث الأمنية التي شهدتها الساحة المحلية وآخرها ما يتصل بشاحنة الكحالة هي من تفرض نفسها في الوقت الراهن في ضوء عودة الانتقادات لاستباحة السلاح وهيمنة حزب الله, إلا أن الربط بينها أي بين هذه الأحداث وبين تعجيل إنجاز الإستحقاق الرئاسي ليس منطقيا لأكثر من سبب, فالملف الثاني يحتاج إلى الكثير من العمل كما أن ما جرى مؤخرا لاسيما في الكحالة يعمل على ترتيبه حتى وإن تعاظمت المواقف المناهضة للحزب من قبل افرقاء المعارضة. وقد تتواصل هذه المواقف في الأيام المقبلة وتصدر بيانات في أعقاب اجتماعات حزبية وغيرها إلا أنها تبقى ضمن إطار الردود الكلامية.
ما جرى في الكحالة هو حادث أعاد إلى الأذهان حوادث سجلت في بعض المناطق وجرى العمل على معالجتها قبل أن يتوسع نطاقها وتتخذ طابعا مأساويا، وبالطبع حصل بعضها قبل الشغور الرئاسي وبعضها بعده، على أن الملف الرئاسي غير المستقر لا يزال بعيدا عن الحسم, فهل أن احداثا أمنية تعيده إلى سكة البحث من جديد ؟ لا يجوز التكهن أو الجزم أن الرئاسة لن تأتي إلا على صفيح ساخن حتى وإن ذهب البعض في الاعتقاد أن التسوية الرئاسية تتم في أعقاب تطورات دموية.
في الوقت الحالي, يسجل تراجع في الملف الرئاسي ولا يزال مصير تقاطع التيار الوطني الحر والمعارضة مجهولا بسبب خوض التيار البرتقالي حوارا مع حزب الله، كما أن النائب جبران باسيل لم يخرج ليقل ان هذا التقاطع في تأييد الوزير السابق جهاد ازعور وصل إلى خواتيمه مكتفيا بالإشارة إلى الحوار والى اتفاق اولي مع حزب الله على اسم توافقي وتسهيل الاسم مقابل مطالب, لكنه قال ان الحوار لا يزال في بدايته .ومعلوم أن الحوار لا يشمل الاسم إنما البرنامج وبعض الضمانات.
وفي هذا الإطار، توضح مصادر معارضة لـ”اللواء” أن النائب باسيل لم يعلن صراحة إنهاء التقاطع لكن بمجرد أشارته إلى بداية حوار مع الحزب على اسم يعني أن لا مكان للتقاطع بصريح العبارة فكيف يخوض حوارا رئاسيا مع فريق الممانعة ويُبقي على تقاطعه مع المعارضة إلا إذا أراد عدم قطع «شعرة معاوية» على أن المعارضة تدرك حقيقة تحرك رئيس التيار وهواجسه الرئاسية، لكن هل يعلم فعلا أنه لن يخرج بنتيجة مع الحزب الذي في نهاية المطاف لن يدعم الا المرشح الذي يراه مناسبا, كما أنه ليس واضحا ما إذا كان باسيل يقبل في السير برئيس تيار المردة النائب السابق سليمان الذي يحظى بتأييد الثنائي الشيعي ولن يقدم إشارة واضحة مغايرة لهذا التوجه كما أنه سيقاتل ضد ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون, وفي الوقت عينه لا تزال المعارضة على رأيها الرافض لوصول رئيس من الممانعة إلى قصر بعبدا وإن اللجوء إلى خيار مرشح آخر لا يزال مبكرا.
وتسأل هذه المصادر أنه كيف يمكن لهذا التقاطع الاستمرار وجلسات الإنتخاب مغيبة والتعطيل مستمر في حين ان التعويل على حوار من دون جلسات الإنتخاب المتتالية، لا طعم له وبالتالي فإن الحوار المطروح من قبل الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان يستدعي استفسارات اكثر لو أن العنوان العريض هو اجتماع القيادات من أجل أزمة الرئاسة, فما هو المطلوب هل التفاهم ثم الدعوة لهذه الجلسات المفتوحة، وهل أن المطلوب التوافق مع حزب الله الذي يبرز يوميا فائض قوته, ام المطلوب الإتيان برئيس سيادي يحمي الدولة ومؤسساتها ؟ وهل يقبل حزب الله بطرح النائب باسيل حول اللامركزية الإدارية والمالية ؟ وتضيف : الحل يقوم بتخلي الممانعة عن فرض توجهاتها الرئاسية والمبادرة بالقبول برئيس يتمتع بالصفة السيادية والإصلاحية.
وتعتبر أن الخشية التي يبديها اللبنانيون بشأن تطورات أمنية محددة قائمة وحادثة الكحالة كادت أن تجر إلى ما هو أكبر، ومن يضمن ألا تتكرر حادثة كهذه, على أنه من غير المقبول الموافقة على تسوية بفعل واقع أمني يُفرض على الجميع، ولذلك فإن على المعارضة رص صفوفها والعودة إلى المطالبة بالمسار الدستوري لإنجاز الاستحقاق الرئاسي المنتظر, مشيرة إلى أن هناك مطالبة من بعض الأفرقاء من المعارضة بمواصلة النضال الكياني، وهذا ما عبر عنه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الذي تحدث عن مرحلة جديدة بالنسبة إلى حزبه, أما رئاسيا فستكون المعارضة على موعد مع اجتماعات لبلورة أي موقف جديد قبل شهر أيلول المقبل وقد تخرج بموقف قبل هذا التاريخ.
لم تأتِ حادثة الكحالة أو غيرها لتؤخر الملف الرئاسي لأنه لم يشهد حراكا كبيرا منذ أن طرح الموفد الفرتسي فكرة الاجتماع،في حين ان اللقاءات الحوارية التي تُعقد لا تزال غير قادرة على إتمام أي تفاهم, وهذا يعني أن الرئاسة لا تزال تحتاج إلى معطى جديد وفعال .