لا خيار آخر مطروح في الوقت الراهن سوى حوار الحزب والتيار
أيام قليلة وينقضي شهر آب ويطل شهر جديد ليس معروفا بعد ما إذا كان كريماً رئاسياً، إلا أنه يمكن أن يطلق عليه لقب «محرك الإستحقاق»، طالما أن المعطيات ستتظهر سواء بالنسبة إلى مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودربان أو نتيجة حوار حزب الله والتيار الوطني الحر في هذا الملف على وجه الخصوص. وبين موجة التشاؤل التي استخدمت كمصطلح بين التفاؤل والتشاؤم، يسير الاستحقاق الرئاسي الذي تتعدد القراءات بشأن مصيره، إذ ثمة من يقول أن لا رئاسة قبل عامين وثمة من يبدي تفاؤلا قريبا بقرب الحسم بين أيلول وتشرين الأول، حتى أن من يبالغ في هذا الموضوع يتحدث عن «عدم إطالة الموضوع»، وأن ما يجري في حوار الحزب والتيار قد يُفضي إلى هذا التفاهم.
وفي مقلب المعارضة، لا حوار وبيانها الأخير يعكس هذا التوجه. ومن أين تأتي الإيجابية في الحسم إذاً؟ ليس هناك في الأفق إلا تكهنات أو ترجيحات في اتفاف أو deal بين حزب الله والتيار الوطني الحر لإنتخاب رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية مقابل موافقة قريق الممانعة على مطلب اللامركزية الإدارية، في حين تبحث التفاصيل لاحقا. اما من ينتخب فرنجية، ويؤمِّن له النصاب الدستوري، فتشير التوقعات هنا بمنح الثنائي الشيعي والتيار وكتلة اللقاء الديمقراطي ونواب السنة والشمال أصواتهم لرئيس المردة، وهذا طبعا في حال سارت الأمور كما يجب بين الفريقين وكل ذلك بتغطية فرنسية.
لا يمكن أن تتحول التوقعات إلى حقيقة لأن التوقع شيء والواقع شيء آخر.
في ظل كل ذلك، يفترض أن تبدأ أجوبة الكتل النيابية على مبادرة لودربان بعقد اجتماع أن تصدر رسميا وقد بدأت الأجوبة تتخذ شكل البيانات، كما فعل نواب المعارضة مؤخرا. فهل هذا يعني أن مبادرة لودريان انتهت؟
هنا تقول مصادر سياسية مطلعة لصحيفة اللواء أن الموفد الرئاسي الفرنسي قد يحضر في الشهر المقبل إلى بيروت للمزيد من المباحثات وقد يعتذر عن اي حضور جديد، إنما المؤكد أن زيارته وفي حال حصولها تعني أمرا واحدا: التغطية لحوار الحزب والتيار، وتشير إلى أن ما بعد بيان المعارضة أي حوار أو اجتماع سيعقد وبالتالي ستكون اللعبة الرئاسية أمام إشكالية، لكن لا يمكن إغفال التحركات الخارجية المساعدة على أن اللقاءات السعودية – الإيرانية تتعلق أولا وأخيرا بمصالحهما المشتركة ولا يمكن البناء عليها في معالجة المعضلة الرئاسية، ومن المتعارف عليه أن اللقاء الخماسي رمى الكرة في ملعب المسؤولين اللبنانيين، لافتة في سياق آخر إلى أن ما يجري بين حزب الله والتيار الوطني الحر هو تعزيز لتفاهم بحلة جديدة وقد يتوج رئاسيا. كما تشير إلى أن البعض يعلم اين تكمن مصلحة فرنسا في الاتفاق مع الحزب.
وتعتبر هذه المصادر أن فرنجية لا يزال مرشحا قويا وكذلك الأمر بالنسبة إلى قائد الجيش العماد جوزف عون الذي يبقى اسمه خيارا مطروحا ومقبولا من عدة افرقاء، لكن تزخيم ترشيحه لم ينطلق بعد، في حين أن التيار الوطني الحر لا يميل إلى انتخابه، وتقول أن الظاهر حتى الآن هو عدم بروز خيار ثالث في الملف الرئاسي حاليا دون أن تجزم ما إذا كانت هذه الرؤية ستتبدل، أما الوزير السابق جهاد ازعور والذي لم تصدر عنه مواقف مؤخرا فلم يتبلغ أي توجه من المعارضة، لكن المؤكد ان تراجع التقاطع على اسمه بين المعارضة والتيار ينسحب على تراجع أسهمه في هذا الملف، معلنة أن لا كلام جدياً بعد في الاستحقاق لاسيما في الشهر الراهن وكله مؤجل إلى الشهر المقبل، ملاحظة أن هناك سلسلة قضايا تشكل محور متابعة من الموازنة إلى استحقاقات داهمة وغيرها تنتظر الحلول لاسيما ما يتصل منها بالصرف المالي.
وتكرر أن المعارضة تتمسك بالمسار الدستوري لإنتخابات الرئاسة عبر جلسات الإنتخاب، وقد ترجمت في بيانها تطلعاتها، وفي المقابل لم تقرر خطوتها المقبلة بشأن اية خيارات رئاسية جديدة.
وتفيد أن تطيير الجلسة التشريعية رسالة واضحة من المعارضة، وكذلك من التيار الوطني الحر لكن لا يمكن ربطه بالملف الرئاسي بشكل دائم فالمسألة هنا نسبية وتتصل بتوجهات الكتل حول مواضيع الجلسة بإستثناء نواب المعارضة والموقف من التشريع في ظل تحول البرلمان إلى هيئة ناخبة، وتعتبر ان موقف التيار مغاير إذ أن هناك حسابات اخرى له، وترجح أن يمرّ الملف الرئاسي بمراحل وإنما يصعب تحديد مصيره في ظل الكربجة الحاصلة وغياب أي نقاط التقاء.
لم يحمل الصيف أية بوادر حلول رئاسية والانتظارات مؤجلة إلى الخريف المقبل مع العلم أن ليس هناك من تمهيد أو توطئة لإنفراجات محتملة تؤمن انتقالا مريحا بين الفصلين.