أكثر من مسؤول بات يؤكد أن لبنان هو حالياً في واقع الحرب، وإن كانت المواجهات الحالية ما زالت تسجل على الحدود الجنوبية، وباتت تحتّم استنفاراً سياسياً واجتماعياً يبدأ بحكومة تصريف الاعمال كما بالمجلس النيابي، حيث أن خطة الطوارىء التي يجري الإعداد لها باتت تطال كل القطاعات والمؤسسات الأساسية، والتي تتصل بالملفين السياسي والأمني كما الإجتماعي. وانطلاقاً من هذه المقاربة، يرى نائب صيدا الدكتور عبد الرحمن البزري أن “لبنان يمر بظروف إستثنائية، وهي تفرض على كل المسؤولين في السلطتين التشريعية والتنفيذية، التعاطي معها وفق معالجات وخطط إستثنائية، تأخذ في الإعتبار كل المعطيات والأسباب والوقائع الداخلية، تحت عنوان تحصين الجبهة الداخلية ووحدة جميع اللبنانيين في مواجهة أي تطورات دراماتيكية”.
فالإستعداد للمواجهة هو العنوان في المرحلة الحالية، كما البزري في حديثٍ لـ”الديار”، حيث يكشف عن تواصل بينه وبين مجموعة من النواب، بهدف “تحريك العجلة السياسية، من خلال خطواتٍ باتت أكثر من ضرورية اليوم، وتستدعيها الظروف الإستثنائية المتصلة بأي عدوان إسرائيلي، حتى إذا اختُبرنا بأي عدوان، نكون قد اتخذنا كل الإستعدادات الوطنية اللازمة”.
ومن هنا، يرى إن الخطوة الأولى على صعيد المواجهة تبدأ بأن “يكون كل اللبنانيين يداً واحدة، وبإسقاط الخلافات السياسية نظراً للظروف الإستثنائية، لأنه علينا أن نكون مستعدين إذا فُرضت علينا الحرب، وبالتالي فإن الإجواء الإستثنائية تتطلب قرارات إستثنائية على الصعيد السياسي، وإن كانت الحكومة اليوم هي حكومة تصريف أعمال”، مناشداً الوزراء المقاطعين، بالعودة عن مقاطعتهم لجلسات الحكومة، و”بالتعاون والعمل مع المجلس النيابي وتحمّل المسؤولية في اللحظة الداخلية البالغة الدقة”.
وعلى مستوى الجلسات النيابية، لا يخفي أنه شخصياً كان متحفظاً على حضور جلسات “تشريع الضرورة”، ولكنه اليوم قد عاد عن هذا الموقف، إنطلاقاً من استشعاره لخطورة المرحلة، وبالتالي “كسر الجمود السياسي والذهاب نحو إنجاز الإستحقاق السياسي المتمثّل بانتخاب رئيسٍ للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، وتجاوز أي خلافات أو تباينات في الخطاب السياسي الناتج عن التمايز في اتجاهات اللبنانيين”.
ويشير إلى أنه و”على الرغم من الموزاييك الوطني في لبنان، فإن المطلوب اليوم هو البحث عن القواسم المشتركة وليس تضخيم التباينات، لأن الجميع أمام وضع إستثنائي يحتّم مقاربة إستثنائية، وتحويل الظرف الإستثنائي إلى حافزٍ للعمل والتعاون والوحدة لإنجاز الإستحقاقات، ومواجهة أي اختبار وإن كنا نتمنى أن لا يتمّ اختبار لبنان بأي عدوان”.
وعلى المستوى الميداني في صيدا والمنطقة الجنوبية، يقول إن “الجنوب قد تعرض للعديد من الحروب والإعتداءات من العدو الأسرائيلي، والتي عادةً كانت مفاجئة، فيما اليوم يجري الإستعداد لها من قبل الأهالي كما المسؤولين من بلديات ومؤسسات أهلية واجتماعية في صيدا، مع العلم أن الحكومة هي المسؤولة عن وضع خطة طوارىء من الهيئة العليا للطوارىء، مروراً بكل القطاعات التربوية والصحية والإقتصادية والأمنية والمالية والإجتماعية، وبما أن صيدا هي عاصمة الجنوب، فقد تعودت منذ سنوات وبفعل نشاط مجتمعها الأهلي وعبر تجمع المؤسسات الأهلية، على مواجهة كل الحروب السابقة، وهي اليوم تستعد للمرحلة المقبلة”.
وعليه، يضيف البزري أن “هذه المؤسسات قد اجتمعت وباشرت التنسيق في ما بينها وتحديد إمكاناتها، ونقاط الضعف والقوة لديها، على أن تعمل على التنسيق مع البلديات الجنوبية والمحافظة كونها تمثل الدولة، من دون إغفال أن الوضع اليوم يختلف عن السابق، نظراً للإمكانات الرسمية المعدومة نتيجة الإنهيار المالي، وهو ما يوجب الإعتراف بضعف هذه الإمكانيات ويتطلب الإستعداد للأسوأ”.