حزب الله عطَّل الانتخابات قبل سنة لفرض مرشحه للرئاسة ولم يكن ما يبرر لذلك
يربط معظم السياسين، اجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان، بانتهاء الحرب الإسرائيلية العدوانية على قطاع غزّة، وقبل انتهاء هذه الحرب يستبعد هؤلاء انجاز هذا الاستحقاق المهم في إعادة دورة الحياة السياسية إلى طبيعتها، والنهوض بالدولة ومؤسساتها من جديد، حتى ان معظمهم استسلموا لهذا الواقع، وتعايشوا معه وكأنه أمر واقع، لايمكن تغييره، ولا بد من انتظار انتهاء هذه الحرب، لكي يتم فتح النقاش، وتستانف الاتصالات والمساعي لإجراء الانتخابات الرئاسية.
حزب الله يبرر تأجيل اجراء الانتخابات الرئاسية، بانتهاء حرب غزة، لان اهتمامه منصب على متابعة تداعياتها وتشعباتها وتركيزه المتواصل على تشعباتها ومشاركته بالتصعيد العسكري جنوبا، ولا وقت لديه لمتابعة ملف الانتخابات الرئاسية في الوقت الحاضر، والافضل تأجيل البحث فيه، ريثما توضح الامور وتنهي الحرب.
وفي المقابل، خصوم الحزب يعتبرون انه بالامكان اجراء الانتخابات الرئاسية حاليا، وفي خضم ما يجري في غزّة وحولها، لوخلصت النوايا، لان البلد بحاجة ماسة لانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن، وفي هذا الظرف بالذات، لكي يتولى مهامه الدستورية، و يعمل مع الحكومة الجديدة للنهوض بالدولة والبلد ككل، ويعمل بسرعة لمواكبة تداعيات الحرب، ويجنب لبنان اية مخاطر محدقة من اي جهة اتت.
ويذكر هؤلاء الخصوم، بأن حرب غزّة، اوجدت ذريعة جديدة لحزب الله يرتكز عليها للاستمرار بتعطيل الانتخابات الرئاسية حاليا، لان الفرصة غير متاحة لانجاح هدفه بايصال مرشحه لسدة الرئاسة، باعتبار ان موازين القوى السياسية في المجلس النيابي، ليست في مصلحته، ولا تحقق له ايصال مرشحه للرئاسة، في حين يعرف جميع الاطراف السياسيين والرأي العام كله، ان نهج الحزب لتعطيل الانتخابات الرئاسية، ليس مستجدا، بل هو متمرس فيه، وقد اعتمده سابقا لتعطيل الانتخابات الرئاسية في اعقاب انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، لاكثر من عامين، لايصال مرشحه ميشال عون للرئاسة يومئذ، وكرر تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ انتهاء ولاية الرئيس عون قبل أكثر من عام.
ولذلك، يرى الحزب التذرع بالحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزّة حاليا، مناسبة لكسب مزيد من الوقت، للتملص من التجاوب مع الدعوات والمناشدات المتكررة من الداخل والخارج، لدعوة الاطراف السياسيين لتسهيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وترحيل هذا الاستحقاق لما بعد الحرب ونتائجها، لتوظيف مفاعيلها لصالح ايصال مرشحه للرئاسة، اذا كانت مؤاتية، او الخوض في تفاهمات مع الأطراف الاخرى، لانتخاب رئيس للجمهورية متوافق عليه وخارج الاصطفافات السياسية المعروفة.
ويبقى ان موقف حزب الله الرافض لإجراء الانتخابات الرئاسية حاليا، وتلاقيه مع عجز المعارضة عن تجاوز هذا الرفض، وتغيير الوضع الراهن بفعل توازن القوى السياسية في المجلس، بين مكونات المعارضة من جهة، وحزب الله وحلفائه من جهة ثانية، وعدم قدرة اي منهما لحسم موضوع الانتخابات الرئاسية لصالحه، أطال امد الفراغ الرئاسي الى وقت غير معلوم، وابقى لبنان بلا رئيس للجمهورية في المستقبل المنظور.