Site icon IMLebanon

ترشيح فرنجية واحد من الأثمان السياسية لعودة حزب الله إلى تسوية الداخل

 

 

تطور حرب الإستنزاف في الجنوب يفتح المسارات على الملفات المغلقة

 

 

ثمة انطباع يتكوّن تدريجاً، تُغذّيه المعلومات الديبلوماسية الواردة من عواصم إقليمية، مفاده أن حزب الله أضحى جاهزا لتسوية داخلية تقوم عناصرها على اختيار الرئيس العتيد بالتوافق. يعني هذا، في حال صحّ، أن الحزب بات للمرة الأولى في وارد التفاوض على ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.

يرتكز هذا الانطباع على جملة وقائع مرتبطة بشكل كبير بتطور حرب الاستنزاف التي يعتمدها الجيش الإسرائيلي في مواجهة حزب الله، الذي بدوره طوّر أساليبه الحربيّة، زاجّا في المعركة أنواعا جديدة من السلاح، ومعتمدا كذلك للمرة الأولى على سلاح الجوّ، وهو إلى الآن عبارة عمّا يملك من منظومة طائرات من دون طيّار نجحت تكرارا في اختراق الغلاف الجوي الإسرائيلي والشبكة الدفاعية التي تمتلكها تل أبيب.

 

المعلن أن الحزب يربط كل نقاش سياسي بوقف الحرب على غزة، ويرفض مجرّد البحث في أي من الأفكار الواردة إلى لبنان، بما فيها أخيرا الورقة الفرنسية الرسمية التي تلقّتها الحكومة، وباتت عناصرها معروفة وقائمة على ثلاث مراحل:

-وقف العمليات العسكرية المتبادلة، وإعادة تحديد مهام القوة الدولية العاملة في الجنوب بغية تفعيل عمليات التفتيش والدّهْم متى لزم ذلك.

-تفكيك مواقع «حزب الله» عند الحدود، وإعادة انتشار قواته بعمق 10 كيلومترات، مع سحب ترسانته العسكرية والصاروخية المنتشرة، على أن تتولى الحكومة ملء الفراغ بالتزام واحد من مندرجات القرار 1701 الذي ينص على نشر الجيش 15 ألف جندي في منطقة جنوب الليطاني مهمّتهم منع أي مظاهر مسلّحة لا تتبع إلى القوى العسكرية والأمنية الشرعية أو لليونيفيل. ويتزامن هذا الإجراء مع إعادة العمل بآلية الإجتماعات العسكرية غير المباشرة بين لبنان واسرائيل في الناقورة برعاية قيادة القوة الدولية.

 

-استئناف الجهد الدولي لتسوية الخلافات القائمة عند الحدود البرية والخط الأزرق الموقّت، لا سيما النقاط الـ13 والمناطق المحتلة الأخرى، مع إمكان اعتماد منطقة منزوعة السلاح.

فيما تعكف الحكومة على إعداد الجواب الرسمي عن الورقة الفرنسية، لا يزال الحزب على موقفه المتحفّظ الرافض إعطاء رأي فيها. لكن معطيات ديبلوماسية توافرت حديثا تشير إلى أنه قد يكون مستعدا، للمرة الأولى ربما، لتغيير نسبي في مقاربته الداخلية في اتجاه فتح ثغرة في المشهد الرئاسي المقفل.

تشرح المعطيات الديبلوماسية بإسهاب المأزق الذي يمرّ به الحزب في هذه المرحلة الدقيقة، نتيجة ما يتعرّض له من خسائر في صفوف مقاتليه، جزء منهم من قوات النخبة. وتلفت إلى أن المسبّب الرئيس للخسائر اعتماد الجيش الإسرائيلي تكتيكات جديدة غير مألوفة معطوفة على ارتكازه على أحدث ما لديه من تكنولوجيا حديثة مكّنته من امتلاك عنصر تفوّق، وجعلت حربه الأمنية على الحزب في ذروتها.

وتتوقّع المعطيات، تأسيسا على هذا الواقع، أن يصيب اللين الحزب في مسألة انتخاب رئيس جديد، وأن يتّجه تدرّجاً صوب البحث عن صيغة توافقية تتيح الانتهاء من مرحلة الفراغ الرئاسي، مع كامل اقتناعه بأن مرحلة ما بعد غزّة ستنتج توازنات جيواستراتيجية في المنطقة، يتأثّر بها لبنان حكما، وتفترض أن يكون في سدة المسؤولية رئيس موثوق فيه لكن في الوقت عينه قادر على التفاوض بمسؤولية وعلى استجلاب الدعم العربي والدولي المطلوب لوضع البلد على سكّة التعافي السياسي والاقتصادي والمالي.

يُدرك الحزب كذلك، وفقا للمعطيات الديبلوماسية، أن مرشّحه الرئاسي لا يملك أي فرصة لاستمالة المملكة العربية السعودية، وهي حجر الأساس في أي دعم مطلوب توافره في المرحلة المقبلة. لذا بات من الجدوى أن يبحث الحزب عن الرئيس الموثوق فيه من ضمن لائحة إسمية توافقية تريحه وتريح الداعمين على حدّ سواء، بحيث يأتي الرئيس العتيد ثمرة أكبر قدر ممكن من التوافق المحلي والعربي والدولي، وهو الشرط التصالحي الأساس مع الخارج.

لا ريب ان هذا التوجّه الرئاسي الجديد، في حال سلك مساره المحلي والخارجي، سيتطلّب التضحية بترشيح فرنجية، على أن تُلحظ له مكاسب في العهد الجديد من ضمن الصفقة المتوقّعة.

كل هذا لا يحجب أن المسار التسووي يبقى أيضا مرتبطا ارتباطا وثيقا بما سيؤول إليه التفاوض الأميركي – الإيراني، وهو يمرّ راهنا بحال شديدة من المدّ والجزر، مع الأخذ في الاعتبار أن الانتخابات الرئاسية الأميركية هي العامل الأكثر ضغطا وتأثيرا على مجمل هذا التفاوض.