بتأخير شهر، وفى «ابو مصطفى» بما وعد به، فحدد جلسة بشكل مفاجئ مخصصة لانتخاب رئيس جمهورية، مربكا الجميع، ومطلقا «ماراتون» الجلسات المحسومة النتائج، «ليحط على عين العالم» انه انجز مهمته ضمن المهل الدستورية، نافضا عنه اي مسؤولية عن تعطيل او فراغ، وتاركا للاطراف السياسية ان تتخبط وتتناحر بعدما حشرها في «باب اليك» الرئاسي.
فأبعد من خلفيات توجيه الدعوة وحتمية دستوريتها واهميتها واهدافها «الظاهرة والمخباية»، التي لم تنسّق لا مع قريب او بعيد، بدا لافتا توقيت رئيس المجلس لخطوته، التي جاءت بمثابة تراجع عن شرط التوافق الذي طرحه قبل ايام، والذي انتقده البطريرك الماروني في عظته الاحد، ما جعل التساؤل عما اذا كان ثمة قطبة مخفية خلف الخطوة، التي «خيّطها» بري ليمهّد الطريق من خلالها لوصول مرشحه المخفي، امرا مشروعا ومبررا.
«ضربة الاستيذ» التي اجبرت على ما يبدو جميع الكتل على الحضور مكرهة لا بطلة، طالما ان الدخان الابيض لن يخرج عن «البروفا»، بيّنت وفقا لمصادر مواكبة للاتصالات الماراتونية الجارية، ان الديمقراطية بشقيها التوافقي او الاكثري لن تنتج اسما في جلسة اليوم، مبدية اعتقادها ان عواصم العالم تنظر بارتياح الى الخطوة، مراقبة الحضور والمواقف لتبني على الشيء مقتضاه.
وفيما تصر بعض الاوساط في بيروت على ان الفرنسيين حسموا خياراتهم التي باتت محصورة باسمين، مع تقدم احدها على الآخر، تشير اوساط مطلعة على الاجواء في واشنطن، الى ان الايام الماضية اعادت الى الواجهة اسم مرشح شمالي، تعمل اكثر من جهة على درس مدى امكانية خوض معركته، التي لن يكون من الصعب تأمين انتخابه، بقدر صعوبة تأمين النصاب لجلسة الانتخاب الفعلية.
«مفاجأة بري» فتحت قنوات التواصل والتشاور بين اطراف المعارضة على مصراعيها لتحديد الموقف وتنسيق خطواتها، تلافيا لتكرار سيناريوهات انتخابية حصلت في المجلس دفعت ثمنها غاليا في محطات سابقة، وتوصلت بحسب المتابعين الى شبه تسمية موحدة لمرشح «اختبار» كما تصفه، معتبرة ان كل جولة سيكون لها «حصانها» وفقا لمتطلبات الظرف وتطور المعركة.
من جهتها، قوى الثامن من آذار وبحسب ما رشح، لن تطرح من حيث المبدا اسم «بيك» زغرتا، بل ستعمد الى خيار الورقة البيضاء، شأنها في ذلك شأن التيار الوطني الحر، الذي لم تنضج بعد التسوية التي يعمل عليها، والتي اطلق شرارتها رئيس التيار من دار الفتوى، واستكملها بسلسلة اتصالات قد تقوده الى مقرات اخرى.
اذا كان مشهد جلسة اليوم مخيّط «عالقياس» من اوله الى نهايته، وما قد يلي من جلسات تبقى سيناريوهاته ضبابية في انتظار نضوج الطبخة التي يشارك فيها الكثيرون عن بُعد او عن قرب، من خلال خط تواصل مفتوح مع مختلف القوى من داخلية وخارجية، فان «طاقة المعجزات» او «البلف» تبقى مفتوحة في «لحظة تخلي». فهل سقوط الترشيحات الهزيلة، وطي صفحة تبنيها من قبل البعض لمصلحة الأقوى منها، قد يشكل الجسر الى وصول شخصية مقبولة من الغالبية او الاكثرية النيابية الى قصر بعبدا؟
بعيدا من اهداف دعوة بري توقيتا ومضمونا، تتزاحم الاسئلة على ابواب المتابعين، هل تعطل المعارضة النصاب في اللحظة الاخيرة بعدما امّنت الكتل الموالية 63 نائبا للتصديق على الموازنة، ما يرفع منسوب الخشية من تأمين 65 صوتا لضمان فوز اي مرشح تدعمه في الدورة الثانية، باعتبار ان الاولى تحتاج الى ثلثي اصوات النواب، فتكون وقعت في فخ مُحكم اخرجها بالضربة القاضية؟ واذا قررت عدم تأمين النصاب، ماذا عن اتهامها من القوى الموالية بأنها تعطل الانتخابات الرئاسية؟