Site icon IMLebanon

لبنان أمام نعمة الأيام العشرة الأخيرة أم نقمتها؟!

 

لم تحمل جلسة الخميس الانتخابية أي حدث جديد. ارتفع «رقم» رئيس حركة «الإستقلال» النائب ميشال معوض، بينما أصرّ «حزب الله» والحلفاء على استخدام الورقة البيضاء.

 

لم يصل الحوار بين القوى المعارِضة إلى نتيجة بعد، فظلّ التباعد سيّد الموقف ولم تتبدّل موازين القوى الداخلية، بينما لم يستطع الفريق المسيحي الحليف لـ»حزب الله» فرض إيقاعه للتوافق في ما بينه.

 

ومع تحديد الرئيس نبيه بري يوم الإثنين المقبل موعداً للجلسة الإنتخابية، دخلت البلاد في الأيام العشرة الأخيرة من مهلة إنتخاب رئيس الجمهورية، وفي هذا الوقت يتحوّل المجلس النيابي إلى هيئة ناخبة مهمتها إنتخاب رئيس جديد للجمهورية فقط لا غير.

 

ولا تشجّع المعطيات المتوافرة سواء كانت داخلية أم خارجية على التفاؤل، إذ إن غياب الإسم الجامع يدلّ على أن البلاد متجهة نحو الفراغ الرئاسي للمرة الثالثة على التوالي في جمهورية ما بعد «الطائف».

 

بعد اغتيال الرئيس رينيه معوض عشية عيد الإستقلال في العام 1989، كانت الجمهورية مشلّعة، فأتت كلمة السرّ السورية بمباركة أميركية لانتخاب الرئيس الياس الهراوي وسط تمرّد قائد الجيش ورئيس الحكومة الإنتقالية آنذاك العماد ميشال عون. وقبل دخول البلاد في فراغ رئاسي في العام 1995 بعد إنتهاء ولاية الهراوي الأصلية وفي الأيام العشرة الأخيرة، أعلن الرئيس السوري حافظ الأسد من مصر ان اللبنانيين اتفقوا على التمديد للهراوي 3 سنوات.

 

لا شكّ أن الأميركي لزّم لبنان إلى دمشق في تلك الحقبة، لذلك وبعد الدخول في مهلة الأيام العشرة الأخيرة من ولاية الهراوي الممددة، زكّى السوري في خريف 1998 قائد الجيش آنذاك العماد إميل لحود، فحكم لبنان بمساعدة المخابرات السورية بقبضة من حديد. ومع ارتفاع الضغط الداخلي والدولي في الأيام العشرة الأخيرة من ولاية لحود الأصلية، إنجرّ السوري نحو التمديد له ثلاث سنوات في أيلول 2004، فوقع المحظور خصوصاً وأن القرار 1559 كان حازماً، وأتت ولاية لحود الممدّدة كارثية على لبنان وشهدت زلزال اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005 والذي ساهم في انتاج «إنتفاضة الإستقلال» وخروج جيش الإحتلال السوري.

 

ولم تحمل الأيام العشرة الأخيرة من ولاية لحود الممددة كلمة سر رئاسية، فدخلت البلاد في الفراغ الأول بعد «الطائف». وفي وقت كانت قوى 14 آذار ترشّح النائبين نسيب لحود وبطرس حرب خرج النائب عمار حوري بعد الفراغ ليعلن دعم قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان كمرشح توافقي، لكن وعلى رغم رضى فريق 8 آذار عليه، لم يتم إنتخابه إلا بعد أحداث 7 أيار 2008 وحصول «إتفاق الدوحة».

 

ومثلما حصل في الأيام العشرة الأخيرة من ولاية لحود، تكرر مع انتهاء ولاية سليمان، فلجأ «التيار الوطني الحر» و»حزب الله» إلى لعبة تعطيل النصاب ودخلت البلاد الفراغ الرئاسي الذي امتد لسنتين ونصف السنة ليُنتخب بعدها عون رئيساً.

 

خرج عون الذي كان رئيس الحكومة الإنتقالية في العام 1990 من بعبدا وسلّم البلد مدمّراً، ويغادر حالياً قصر بعبدا والبلد منهار ويغرق في أزماته، في حين أن كلّ التقاطعات الدبلوماسية والخارجية توحي بأن كلمة السر لم تصل بعد.

 

ولا يبدو أن الإتفاق الأميركي- الإيراني قد حصل، ولكن هذا لا يعني أن لا إمكانية لحصوله في ربع الساعة الأخير من ولاية عون، في حين أن الفرنسي يحاول القيام بكل ما هو متاح له من أجل تسجيل خرق في الملف الرئاسي، لذلك سيكثّف نشاطه واتصالاته في الأيام العشرة الأخيرة قبل الدخول في الفراغ القاتل.

 

وبالنسبة إلى قوى الداخل، فكل المعلومات تتقاطع لتؤكّد أنّ «حزب الله» لم يحسم أمره بعد، ولو كان حدّد قراره النهائي لكان كفّ عن لعبة تطيير النصاب في الجلسة الثانية وذهب إلى الإنتخاب لأنّه باستطاعته الضغط لتأمين 65 صوتاً إذا كان المرشح هو رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية. لكن «الحزب» لا يزال يواجه تصلّب النائب جبران باسيل الرافض لانتخاب فرنجية، لذلك يقوم بكل ما يجب لعدم زرع الشقاق في صفوف الحلفاء، ولن يذهب بالضغط أكثر على باسيل بانتظار معرفة التطورات الإقليمية والدولية.

 

ويبدو أن لا إمكانية لصياغة تفاهم داخلي بين الكتل السياسية، فطرفا النزاع لا يتحدثان مع بعضهما البعض، والكل متصلّب في مواقفه، لذلك لن تجترح الأيام العشرة الاخيرة من زمن الإنتخاب المعجزات… وإلى اللقاء في الفراغ، وعندها كل المعطيات تتغير، فإما يُفتح باب الحوار والتسويات وإمّا تغرق البلاد أكثر فأكثر في أزماتها.