مع اقتراب نهاية المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، ودخول الفراغ في الرئاسة أكثر من ثلاثة أسابيع مرشّحة لأن تطول مستقبلاً، فإن مصادر سياسية مسيحية تصف المناخ الداخلي، بأنه يعاني من تعقيدات أدّت إلى أزمة حكم، وليس فقط أزمة فراغ رئاسي، والسبب عائد إلى الرؤى السياسية المتصادمة حيال البرامج التي من الضروري أن يحملها أي مرشح لموقع الرئاسة، وليس فقط لشخصية هذا المرشح أو تاريخه السياسي، أو حتى الشعارات التي رفعها على امتداد حياته السياسية.
وتقول المصادر نفسها، أن توصيف رئيس المجلس النيابي نبيه بري لهذا المناخ، وبالتالي لوضع البلد بأنه وصل إلى مستوى خطير، يؤكد صوابية التوقعات التي تتوالى من قبل خبراء ووزراء حاليين، بأن الثمن الذي يدفعه لبنان والإقتصاد والليرة، كما المواطن اللبناني، بات باهظاً، ولا يقتصر الأمر فقط على انهيار العملة الوطنية، بل على انهيار الركائز الواحدة تلو الأخرى التي يقوم عليها لبنان سياسياً ومالياً واقتصادياً وسياحياً وقضائياً، وحتى أمنياً.
وتكشف هذه المصادر، أن الدعوة إلى التوافق التي تتردّد منذ ما قبل بدء المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس، قد تكون السبيل الوحيد الذي يتّفق عليه الداخل والخارج حيال الإستحقاق، ولكن تفاصيل هذا التوافق هي التي تحمل لبّ المشكلة الرئاسية، لأن الرئيس التوافقي بالنسبة لأي فريق، تنطبق عليه صفة “الإستفزازي” بالنسبة للفريق الآخر، ولذلك فإن تحديد مفهوم التوافق هو اليوم محور المشكلة، ومن دونه سيبقى الوضع السياسي يتدحرج إلى ما قد يكون أسوأ من واقع الإنقسام الحالي، خصوصاً وأن هذا الأمر لن يقتصر فقط على المواقف والتصريحات، بل على المخاطر المحدقة بالبلد على الصعيد السياسي والمالي والمعيشي، وحتى الأمني.
ومن هنا، تقول المصادر المسيحية، إن السعي إلى إعادة الإنتظام للمؤسّسات، بات مهمة مستحيلة من خلال حكومة تصريف الأعمال، الأمر الذي يستدعي خطوة تتجاوز كل ما يجري حالياً من مقرّرات وإجراءات تهدف إلى إدارة الأزمة بالحدّ الأدنى، ومن دون الإضطرار لدعوة مجلس الوزراء إلى الإنعقاد.
ومن هنا، تتابع المصادر إن التوجّه الحالي يحمل في طياته مواجهة بين مسارين: الأول يتمحور حول استمرار محاولات انتخاب الرئيس العتيد في جلسات متتالية للمجلس النيابي، والثاني تحديد كل الأطراف لمرشحها، والذهاب إلى مواجهة ديموقراطية في ساحة النجمة. وبالتالي، فإن هذين المسارين مرشّحان للتداول على طاولة المرجعيات السياسية والروحية بعد دخول بكركي على خط النقاش الرئاسي، سواء عبر المواقف العالية السقف التي يطلقها البطريرك الماروني بشارة الراعي، والتي كان آخرها في عظة الأمس من جهة، وفي المحادثات التي سيجريها في زيارته المقبلة إلى الفاتيكان من جهة أخرى.
عملياً، أضافت المصادر، فإن كل ما يقال حتى الساعة عن تواصل واتصالات تتم بين القيادات السياسية حول الملف الرئاسي، لم يدخل بعد في تفاصيل التباينات السياسية بين المشاريع التي يطرحها المرشحون، بعدما بات معلوماً مَن هو مرشّح كل فريق في الوقت الراهن، ولذلك تابعت المصادر، إن استمرار الوضع الداخلي على حاله، يعكس جموداً في حركة الإتصالات أو على الأقلّ عدم توصّلها إلى أي نتائج، وبالتالي استمرار الواقع المأزوم، بانتظار المحاولة المقبلة في في أي جلسة مقبلة، والتي يدرك كل نائب يتوجّه إليها النتائج سلفاً، ما دام مسار مسلسل الجلسات هو المرجّح راهناً.