التغيير نحو واقع سياسي أفضل بعيد المنال بوجود سلاح حزب الله خارج سلطة الدولة
تُبدي مصادر سياسية تخوفاً واضحاً من مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، بعدما بدأت ملامحها ترتسم منذ اليوم، وهي لا تؤشر الى اي متغيرات اساسية مرتقبة بالواقع السياسي القائم، برغم كل الاقاويل والتوقعات، بل بالعكس توحي باستمرار الحالة المترجرجة حاليا مع بعض التبديلات الثانوية، هنا وهناك، الامر الذي يرسم صورة تشاؤمية، بدأت ملامحها تظهر بتفكك قوى التغيير الموعودة سابقا الى حدود التلاشي، وانحسار أوزان القوى التقليدية السيادية العادية، عما كانت عليه في السابق، مقابل استفراس حزب الله والقوى المتحالفة معه بخوض الانتخابات النيابية، متظللين بسطوة السلاح غير الشرعي والأموال الايرانية.
ومن وجهة نظر المصادر السياسية، فإن المرحلة الفاصلة بين انتهاء الانتخابات النيابية، وموعد الانتخابات الرئاسية المقبل، اي ما يقارب الخمسة اشهر، ستشهد كما هو مرتقب مراوحة او جمودا بالواقع السياسي، من دون متغيرات ملموسة على الاقل، بسبب صعوبة الاتفاق بين الاطراف المعنيين، على تشكيل حكومة جديدة للاختلافات السائدة بينهم والطموحات بالتعيينات والاستئثار بالمواقع والمراكز الوظيفية من جهة، ولقصر المدة الفاصلة عن انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وانشغال جميع الاطراف السياسيين بانتخاب رئيس جديد للجمهورية من جهة ثانية، وما يمكن ان يترافق هذا الاستحقاق المهم، من تصعيد سياسي، في ظل تسابق أكثر من مرشح لهذا المنصب، واستمرار التجاذبات الداخلية والاقليمية القائمة، وهي اسباب قد تؤدي حتما إلى شغور رئاسي محتمل، واطالة أمد المراوحة السياسية أكثر مما هو متوقع، وكذلك تعطيل تشكيل حكومة جديدة، تتولى استكمال تنفيذ خطط وملفات الحكومة الحالية، لحل الازمة المالية والاقتصادية، ومعالجة المشاكل المعيشية والاجتماعية المترتبة عنها، وتسيير شؤون الدولة اللبنانية.
ارتفاع منسوب التصريحات الانتخابية من مستلزمات جذب وتحفيز الناخبين
ومع ان المصادر تعتبر ان رفع منسوب المواقف والتصريحات التي ترافق الاطلالات الانتخابية لمعظم المرشحين والاحزاب التي ينتمون اليها في الوقت الحاضر، هي من مستلزمات جذب وتحفيز الناخبين، وحثهم على الاقتراع لصالحها، في غمرة التحديات والصراعات القائمة، وتحصل باستمرار، الا ان تحويل التنافس الانتخابي المعهود، من تنافس طبيعي ومعهود لزوم العملية الانتخابية وضمن ما يحصل عادة، الى حملات تخوين وعداوة، تصل في بعض الاحيان، الى حدود الكراهية، تسبب في زيادة حدة الانقسام الحاصل، وزيادة في منسوب التباعد بين الاطراف المتنافسين، لاسيما بين حزب الله وخصومه السياسيين، وبات يخشى معه استفحال هذا الخلاف نحو الأسوأ بعد الانتخابات، مع ما يمكن ان يترتب عليه من مضاعفات وانعكاسات سلبية على الواقع السياسي، وانطلاق مسيرة الدولة من جديد.
وتخشى المصادر السياسية ان تمدد حالة استقطاع الوقت التي تفصل بين الانتخابات النيابية والانتخابات الرئاسية، الى ما بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، في حال فشل الاطراف السياسيون بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ضمن الموعد المحدد لانتخاب الرئيس، وتتكرر لعبة تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية هذه المرة أيضا، وهي اللعبة التي نفذها حزب الله باتقان، بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، وأدخل لبنان بالفراغ الرئاسي، لأكثر من عامين كاملين، لقطع الطريق على كل المرشحين للرئاسة، من خصومه او حلفائه على حد سواء، لافساح الطريق امام انتخاب عون للرئاسة، كما حصل، في ظل الظروف وتبدل موازين القوى السياسية القائمة، وقد تكون لصالحه ايضا. وهذا يعني دخول لبنان في مرحلة طويلة من الفراغ الرئاسي، يستحيل التكهن بمفاعيلها وتداعياتها السيئة على لبنان كله.
وباعتراف المصادر ان مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، لن تكون كما قبلها كما يحصل عادة، لجهة تبدل المواقف ولهجة الخطاب السياسي المتبع خلال الحملات الانتخابية عما قبل، والانتقال الى مرحلة جديدة لاطلاق مسيرة الدولة بفاعلية، الا انها، تعتبر انه من الصعوبة بمكان، الانتقال إلى واقع سياسي مغاير للوضع الراهن حاليا، مع انعدام التفاهم بين الاطراف السياسيين على ايجاد حل لوجود سلاح حزب الله تحت إمرة الدولة اللبنانية، وإلا فإن التبدل المطلوب نحو واقع سياسي افضل، سيبقى مجرد امنية بعيدة المنال، والمرحلة المقبلة ستبقى محكومة بواقع السلاح ومصالح مرجعيته الايرانية، على حساب المصلحة الوطنية اللبنانية.