للخلاف بين حزب الله والتيار العوني نتيجة واحدة: تعطيل الانتخابات الرئاسية
ليس جديداً على حزب الله والتيار العوني، تعطيل الانتخابات الرئاسية، فلهما باعٌ طويلٌ في تعطيل الاستحقاق الرئاسي اكثر من مرة، وسجلهما حافل، منفردين كما حصل من قبل، بعد تسلم العماد ميشال عون مهمات رئاسة الحكومة العسكرية نهاية ثمانينات القرن الماضي، بهدف إجراء الانتخابات الرئاسية. عطل يومها الانتخابات عمدا، وبالقوة لتوفير ظروف انتخابه رئيسا للجمهورية، وبعد تحالفهما عطلا متكاتفين الانتخابات الرئاسية عند انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود، وبعد انتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان .
هكذا تم التعاطي بين الحزب والتيار للتعامل مع أي استحقاق رئاسي او غيره على مرِّ الايام، منذ التوقيع على ورقة مار مخايل، بقليل من الاختلاف وبتفاهم اكبر يطال معظم القضايا والمسائل السياسية والاوضاع العامة.
اليوم، بعد تصاعد الخلاف بين حزب الله ورئيس التيار الوطني الحر، حول رفض الاخير خيار الحزب انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة، اصبحت المعادلة كالاتي، تعطيل الانتخابات الرئاسية اذا اتفق الحزب والتيار، وتعطيلها اذا اختلفا، أي ان النتيجة واحدة في كلا الحالتين.
لماذا تحول التحالف بين الحزب والتيار من الاتفاق على الاستحقاق الرئاسي او غيره من الامور، كما كان يجري سابقا، الى خلاف بات يهدد بفك التحالف بينهما؟
في المرحلة السابقة تصدَّر الرئيس السابق ميشال عون ووريثه السياسي النائب جبران باسيل واجهة تعطيل تشكيل الحكومات والانتخابات الرئاسية، إما لفرض الوزراء الموالين لهما، اوالانقلاب عليها، كما حصل لدى اسقاط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري بايعاز من حزب الله والنظام السوري، برغم من كل الوعود والالتزامات المقطوعة، وصولا بعدها إلى تعطيل الانتخابات الرئاسية لاكثر من عامين ونصف، بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، وقطع الطريق على كل المرشحين التوافقيين للوصول إلى سدة الرئاسة، لفرض انتخاب العماد ميشال عون للرئاسة دون غيره، بالرغم من كل الاعتراضات ضد هذا الخيار.
بعد تسلم عون للرئاسة، تولى باسيل مهمة التعطيل، وفرض ما يريده والاستئثار بمقدرات الوزارات والادارات والمؤسسات، بغطاء من الحزب، مقابل تغطية ارتكابات الحزب وتجاوزه للدستور والقوانين، والهيمنة بسلاح الحزب على الواقع السياسي الداخلي، والتدخل بالحروب المذهبية والعبثية بالدول العربية الشقيقة، دون مساءلة او محاسبة، او حتى مجرد طرح مسألة الاستراتيجية الدفاعية كما وعد عون بخطابه الرئاسي.
مع نهاية عهد عون التحالف يهتز وأول الغيث موضوع تأليف الحكومة
هكذا سارت الامور حتى نهاية عهد ميشال عون، عندما بدأ مسار التحالف يهتز بين الوريث السياسي لرئيس الجمهورية وبين الحزب، عندما رفضت كل شروط ومطالب باسيل بتشكيل حكومة نهاية العهد التي لم تتشكل، واستتبعت برفض التجاوب لمطلب الاخير بعدم انعقاد جلسة مجلس الوزراء في ظل الفراغ الرئاسي الى ان تفاعل الخلاف المتصاعد تحت عنوان عقد الجلسة، بينما كان السبب الرئيسي رفض رئيس التيار الوطني الحر التجاوب مع مطلب الحزب بتأييد انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة.
ظهر جليا، ان تعاطي حزب الله مع الرئيس السابق ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، تبدل عن المرحلة السابقة، ولم يعد بالامكان استمرار نهج التعاطي نفسه، في المرحلة الحالية، بسبب تبدل الاوضاع المحلية والاقليمية، والتجربة الفاشلة للحزب في فرض ميشال عون للرئاسة، وما تسبب به من إلحاق الضرر بلبنان واللبنانيين على كل المستويات بعدما حُمِّل الحزب مسؤولية مباشرة لوصوله إلى الرئاسة.
ولذلك وجد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل نفسه عاجزا عن فرض شروطه ومطالبه بالتصعيد المعتاد، كما كان بالقصر او بالتحريض الطائفي في الوسط المسيحي، ضد رئيس الحكومة وحلفائه، واصبح مع حليف وحيد تبدل نهج التعاطي السابق معه، وانقلب رأساً على عقب، ما دفعه الى فقدان صوابه واستعمال اسلوب التهديد والوعيد الذي يوجهه ضد خصومه، وألحقه بانتقاد ادائه السياسي معه بحدة، واستعماله تعابير ونعوتاً، لم يعهدها من قبل، ما ادى تصاعد الخلاف الحاصل نحو الأسوأ، ولم تعد تنفع كل محاولات الاستدراك والتراجع لحملات التصعيد ضد الحزب، لاعادة حرارة التحالف الى وضعيتها السابقة.
خلاصة الخلاف الحاصل بين حزب الله والتيار هذه المرة، تعطيل الانتخابات الرئاسية، واستمرار استفحال الازمة الضاغطة، وتعطيل الحلول الناجعة لها، ومواصلة تدمير ما تبقى من لبنان.