Site icon IMLebanon

متى يبدأ البحث في أسماء «المرشحين الجدد» للرئاسة؟

 

أما وقد دخل مجلس النواب مدار عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، فإنّ العطلة الرسمية لن تقدم ولن تؤخر في الاستحقاق الرئاسي انتظاراً للمحطات الجديدة مطلع السنة المقبلة والتي تُنبىء بالبحث عن مرشحين جدد لرئاسة الجمهورية بعدما دخلت الترشيحات في «شرنقة مقفلة» ولم يعد هناك إمكانية لخرق ما. فالفرز القائم ثابت وقد يكون طويل المدى. ولذلك طرح السؤال متى يبدأ البحث في الأسماء الجديدة؟

الى ان يعود البحث في الحلقة الـ11 من مسلسل جلسات انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية المتوقعة في الخميس 2 كانون الثاني المقبل، سيحضر الحديث عن الرئيس العتيد في الكواليس السياسية والديبلوماسية في لبنان وبعض الأندية الدولية وفق أسس جديدة لم تتم مقاربتها حتى هذه اللحظة السياسية. ومردّ هذه النظرية يعود في الأساس الى تمسّك الأطراف الفاعلة بأسمائها وتوجهاتها والتي ترجمت في ساحة النجمة سواء بالاوراق البيض او بأسماء العلم المُشتتة أو بالشعارات التي ترفع عناوين محددة وبطريقة يستحيل معها التوصّل الى إنجاز الاستحقاق الرئاسي.

 

وانطلاقاً من هذه المعطيات، كشفت مراجع سياسية واسعة الاطلاع أنّ الوضع لن يبقى على ما هو عليه في وقت لا يمكن تحديده من اليوم. ذلك أنّ هناك فصولا ومحطات لا بد من عبورها في المرحلة المقبلة الى أن تستوي الطبخة في مكان ما من العواصم المعنية بالملف اللبناني، وخصوصاً تلك التي استُدعيت للفصل بين اللبنانيين والتمييز في المواصفات المطلوبة للرئيس العتيد وشكل علاقاته الدولية وما هو مطلوب منه في المرحلة المقبلة، بالإضافة الى ما عليه أن يواجهه من استحقاقات اذا بقيت المنطقة على غليانها ان بقيت العلاقات الدولية محكومة بتفاهمات غامضة من دون الثابت والنهائي منها.

 

وعليه، تعترف المراجع السياسية بأنّ من يعتقدون أنفسهم أنهم من «صنّاع الرئيس» قد أفلسوا او أنهم في الطريق الى العجز الكلي عن القيام بالمهمة. فما يحمله البعض من تفويض افتقده منذ فترة غير طويلة، وجاءت التكتلات النيابية التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة لتزيد من صعوبة مهمتهم بعدما لم يتمكنوا من حفظ مقاعدهم المتقدمة في ظل التحالفات التي أفقدت الاكثرية السابقة من قدرتها على إدارة الشأن العام، وأثبتت عجزها في مواجهة ايّ من الاستحقاقات الداهمة التي عاشتها البلاد الى درجة أفقدتها الثقة بنفسها قبل أن يفتقدها الآخرون. ولذلك لم يعد أمام البعض منهم سوى شد العصب الطائفي المذهبي في محاولة لإعادة توزيع مواقع القوى. ولم يَنته احد منهم الى تكريس مرجعيته الحاسمة، وتَساوى الجميع في القدرة على المواجهة. وبدل استثمار قدراتهم في تفاهمات غير تقليدية زاد التقليد من عزلتهم الداخلية والخارجية في السنوات الثلاث الاخيرة.

 

ليس في ما سبق ما يثير الجدل في صوابية المعادلة السلبية التي تحكّمت بالحلقات العشر الاخيرة من مسلسل انتخاب الرئيس، لا بل فقد قادت كل القراءات لموازين القوى الى أنّ معظم القوى حاصرت نفسها بنفسها في «شرنقة مقفلة» ولم يعد بقدرتها التراجع عن المواقع التي تَمترست فيها لإحداث خَرق متبادل لدى اي جهة من الجهات التي تخوض الاستحقاق الرئاسي.

 

وبناء على ما تقدّم، تتوقع المراجع السياسية انّ الاهمال الدولي الذي تَلمّسه الساعون الى استدراجه من دول وحكومات اعتادت ان تؤدي ادواراً على الساحة الداخلية في استحقاقات مماثلة لن يبقى على ما هو عليه. فما بَلغته ترددات الازمة اللبنانية ليس على مستوى دول الجوار التي تعيش في بحور من العداء والفوضى الدموية، لا بل فقد تجاوزتها وامتدّت الى دول البحر المتوسط وأوروبا كافة ممّا سيؤدي الى التدخل وفق خطط مُغايرة لتلك التي تمّت تجربتها سابقاً. فبعض المعايير المعتمدة في التعاطي مع الأزمة اللبنانية فقدت صدقيتها وفاعليتها، وتراجعت كل الاحتمالات الايجابية التي اطلقت لِيفضي جديدها الى مقاربة مختلفة لا بد من تَلمّس عناوينها مطلع العام الجديد.

 

واستناداً الى ما تقدم، كشفت مصادر ديبلوماسية تسرّبت عناوينها العريضة من صالونات بعض السفراء المعتمدين في لبنان وهي بدأت تلامس الاستحقاق الرئاسي انتظاراً للتعمّق فيما هو مطروح من خيارات متعددة، خصوصا لدى اولئك الذين شكلوا مجموعة من الخلايا الديبلوماسية لمواجهة الوضع الإنساني والاجتماعي والطبي والتربوي في لبنان عدا عن الأولوية التي أعطيت للأمن والإستقرار بالحد الادنى المطلوب. وفي المعلومات التي ما زالت في كواليس ضيقة، طرح جديد يشدّد على تغيير المشهد السياسي الذي عبّرت عنه جلسات انتخاب الرئيس العشر تدريجاً. فمجموعة الأرانب التي استخدمت انتهت فاعليتها. وإن صدقت الرواية التي تقول انه أقفل الابواب امام اي دعوة للحوار يعني انّ ما كان يجب طرحه على طاولاته قد صُرف النظر عنه الى حين.

 

ولذلك، فإنّ من بين ما هو مطروح البحث عن اسماء جديدة للمرشحين الرئاسيين من لائحة أخرى كانت مطروحة في الكواليس السياسية والديبلوماسية على أنها الخيار الثاني لكل فريق. وقد انتقل البحث فيها لسبب وجيه يتصل بدخول المرشحين المتداوَل بأسمائهم حتى اليوم في «شرنقة مقفلة» على حد تعبير أحد الديبلوماسيين الفاعلين الذي بدأ يُطلق الدعوة تلو الأخرى الى «تَنحّيهم جميعاً» للبحث في اسماء جديدة تخوض السباق الى قصر بعبدا في اسرع وقت ممكن.

 

ومهما اختلفت المواصفات المطلوبة للرئيس العتيد ليكون «رجل المرحلة» المقبلة، يضيف العارفون ببعض المداولات الاخيرة، انه لم يعد كافياً الحديث عن مواصفات سياسية او اقتصادية او أمنية بحتة. وانّ المطلوب من «الحصان الجديد» أن يجمع المواصفات المختلفة مُضافة الى سجل سياسي واقتصادي شفّاف لا يرقى إليه الشك من أي نوع كان. لتُضاف إليها قدرته – بضوء أخضر داخلي وخارجي – على اعادة ترميم علاقات لبنان الدولية والعربية، والخليجية تحديداً. وهو ما يفرض البحث عن أسماء جديدة من لائحة صغيرة يمكن لأصحابها إحياء الثقة الدولية قبل المحلية، لأنّ قدراته على الحل لن تستند الى الداخل الفارغ من كل مقومات القوة في ظل تفكّك الدولة وانتفاء خدماتها البديهية التي يمكن ان توفّرها أي دولة في العالم بمعزل عن ثروتها ومكوناتها.

 

عند هذه الحدود بقيت التسريبات محصورة عند الحديث عن مستقبل الاستحقاق الرئاسي وسط تأكيد انّ الطبخة الجديدة ما زالت «محمية» من الداخل والخارج، وأنّ عملية تجميع عناصرها تجري في هدوء وتَرو. وأخطر شيء فيما هو متداول به أنه لن تظهر معالم هذه المرحلة إلا عند بلوغ البلاد مراحل متقدمة من التوتر الذي لن يكون أمنياً كما يقال، ولكن العيون تتجه الى حجم الأزمة الإقتصادية وتطوراتها الانتحارية المقبلة تحت عيون مَن يُدير السلطة اليوم بأضيق أفق.