الأنظار تتجه إلى استئناف المباحثات الإيرانية – السعودية في العراق
باستثناء الخروقات البسيطة التي أحدثتها لقاءات النائب جبران باسيل مع كل من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية في المشهد السياسي، والتي بقيت وفق ما تسرب عنها من معلومات دون جدوى على مستوى تقريب وجهات النظر حول الاستحقاق الرئاسي الذي لم تتم مقاربته في خلال هذه الاجتماعات بشكل جدي وفعلي، بقيت باقي الطرق السياسية مقفلة وبقي المشهد السياسي على حاله من الركود وغاب في عطلة عيد الميلاد اي نوع من التواصل والمشاورات الآيلة للتفاهم على انتخاب رئيس للجمهورية.
واذا كانت عطلة الميلاد قد حافظت على مستوى الانقسام الحاصل في الساحة السياسية حول مختلف الملفات فإن الأيام الفاصلة عن الدخول في العام الجديد لا تحمل اي مؤشرات توحي بإمكانية حصول انفراجات على مستوى الاستحقاق الرئاسي الذي تغلفه الضبابية، لا بل إن ظاهر الامور كما باطنها يشي بأن أمد الفراغ الرئاسي سيطول اكثر مما هو متوقع في ظل غياب اي مسعى داخلي لانجاز هذا الاستحقاق حيث كانت الآمال معقودة على دعوة الرئيس نبيه بري الحوارية لبلوغ هذا الهدف بمساعدة أكيدة من الخارج. غير ان رفض هذه الدعوة من قبل فريقين معنيين بالاستحقاق أطاح بهذا الامل وأبقى على الملف الرئاسي في غرفة مظلمة بانتظار حراك خارجي جدي يؤدي الى اخراجه الى النور.
حتى الساعة فإن الملف اللبناني لم يوضع على الأجندة الخارجية وبقي خارج اطار اولويات الدول المعنية بالملف اللبناني، وإن كانت باريس وقطر تحاولان إيجاد المخارج الملائمة لتأمين توافق لبناني على الشخصية التي ستتولى رئاسة الجمهورية.
وفي اعتقاد مصادر سياسية عليمة أن الملف الرئاسي بات لغزاً يعجز أي مسؤول لبناني ان يفكه، وأن الحديث عنه صار كمن يضرب بالمندل، حيث لا يوجد أي فريق سياسي داخلي يملك اي معلومة حول تحديد مصير ومسار هذا الاستحقاق العالق في حقل ألغام زرعته القوى السياسية بفعل انقسامات ومحاولة استخدام هذا الامر كورقة لتحصين ما أمكن من مكتسباتها السياسية والطائفية.
وفي رأي المصادر فإن الانظار تتجه في الايام المقبلة إلى المباحثات التي من المحتمل ان تستأنف بين ايران والسعودية على ارض العراق، بعد ان كشف المتحدث باسم الخارجية الايرانية ناصر كنعاني عن احتمال عقد جولة جديدة من المباحثات الايرانية السعودية في العراق، لافتاً الى ان الحوار بين وزيري خارجية البلدين الذي تم على هامش قمة بغداد – 2 في الاردن كان جيداً، وأن تصريحات وزير خارجية المملكة العربية السعودية كانت ايجابية، مشدداً على ان كُلاًّ من طهران والرياض متفقتان على ضرورة استمرار العلاقات البناءة بينهما.
وتعتبر المصادر ان استئناف هذه المباحثات وامكانية الوصول الى تفاهم ايراني – سعودي سيؤدي حكماً الى خلق مناخات هادئة في المنطقة من الممكن ان يستفيد منها لبنان في فكفكة العقد الموضوعة في طريق انتخاب رئيس وغيرها من الملفات الداخلية، حيث ان ما من عاقل في الداخل اللبناني إلا ويدرك أن العامل الاقليمي والدولي له تأثيره الكبير على الداخل اللبناني، وانه يلعب دوراً محورياً في الاستحقاقات اللبنانية وفي مقدمها الانتخابات الرئاسية.
إحداث خرق في جدار الانقسام حول انتخاب الرئيس ينتظر كلمة السر من وراء البحار
وتجزم المصادر انه في ضوء موازين القوى تحت قبة البرلمان، وفي ظل توسع رقعة الانقسام السياسي وفشل اي مسعى حواري للتوافق على اسم الرئيس، فإن هناك استحالة في حصول الانتخابات الرئاسية من دون تدخل خارجي فعلي يفضي الى حبك تسوية على غرار ما حصل في الدوحة تؤدي الى تعبيد الطريق امام اسم توافقي وايصاله الى قصر بعبدا، وعدا ذلك يبقى اي تحرك داخلي من دون جدوى وفي اطار تعبئة الوقت لا اكثر ولا اقل، لافتة الى ان ما قام به النائب باسيل من انفتاح على بعض القوى السياسية ما زال نقطة في بحر الخلافات وانه سيبقى من دون جدوى كون ان اي فريق سياسي غير مستعد ان يتراجع قيد انملة عن مواقفه للفريق الآخر، وهذا يعني ان جدار الازمة الرئاسية سيبقى على حاله من الارتفاع الى ان تأتي كلمة السر من خلف البحار ويبدو ان وصول هذه الكلمة ما يزال يحتاج الى الكثير من الوقت نظراً للتعقيدات الموجودة في مختلف ملفات المنطقة.
وعليه، فإن المصادر تبدي خوفاً من أن يتفرع عن «الستاتيكو» الحاصل على المستوى الرئاسي والحكومي مشاكل في الشارع نتيجة وصول الوضعين الاجتماعي والاقتصادي الى ادنى مستوى من الانحدار بالتوازي مع تحليق مستمر في سعر صرف الدولار، معتبرة ان الحل الممكن والاقرب الىالواقع الإتفاق على انتخاب قائد الجيش جوزاف عون الذي يتردد اسمه في الصالونات السياسية كونه مقبولاً من غالبية الأطراف ولديه مصداقية وسيكون مقبولاً على المستوى الدولي.