على وقع «جلسات الخميس» التي من المفترض استئنافها استعراضياً، يستمرّ الإقفال المتعمّد للانتخابات الرئاسية بانتظار مؤشرات توحي باقتراب التسوية. هذه المؤشرات لن تأتي من الداخل، حيث تجمّدت الصورة بشكل بات يتعذر فيه القول إنّ تغييراً جوهرياً سيطرأ على موقف أي من الأطراف.
في الشكل يدور خلاف حقيقي ولكن مضبوط بين «حزب الله» و»التيار العوني»، وستفتح أبواب الحوار هذا الأسبوع بين الطرفين، وسط تمسّك «حزب الله» المعلن بالمرشح سليمان فرنجية، ورفض جبران باسيل المعلن للسير بهذا الخيار. وبناء عليه سيكون الحوار مجرّد مسعى لعدم اتّساع الخلاف، ويُستبعد أن يؤدي إلى سير باسيل بخيار فرنجية، ولن يكون رفض باسيل بالضرورة مزعجاً لـ»حزب الله»، الذي لم يطرح حتى الآن معادلة «سليمان فرنجية أو لا أحد»، لا في السرّ ولا في العلن.
بين «حزب الله» وفرنجية عهد ووعد لا يمكن وضعه في خانة الوعد الكاذب، لكنه وعد مشوّش باحتمالات الفشل لستّ سنوات عجاف إضافية، لا يمكن فيها الصمود إذا ما فشل خيار فرنجية في نيل الرضى العربي والدولي. ذلك سيعني إن حصل، خسارة مزدوجة لفرنجية وداعميه، وخصوصاً لـ»حزب الله»، الذي بدأ يدرس خياراته بناء على مسؤوليته الواقعية عن كوارث عهد الرئيس ميشال عون، وبناء أيضاً على مسؤوليته المستقبلية عن خيار الرئيس الفاقد أي دعم عربي ودولي، أي فرنجية. ذلك سيعني أيضاً أنّ «حزب الله» المتمسّك بفرنجية حتى الآن، يتعمّد فتح ثغرة في هذا التمسّك انطلاقاً من زاويتين:
الأولى ما عبّر عنه وفد «حزب الله» في بكركي علناً بأنّه لا يضع أيّ فيتو على أي مرشح آخر، والمقصود هنا المرشح الجدي الوحيد الذي بات مسلّماً بجدية ترشيحه في الداخل والخارج. والثانية أنّ «الحزب» يقول ضمناً لسليمان فرنجية، «إسعَ يا مرشحي لأسعى معك»، أي بالترجمة العملية، إسعَ للحصول على الغطاء العربي والدولي لترشيحك، فتصبح مرشحنا أو لا أحد.
هذا الغطاء لفرنجية بات واضحاً أنّه بعيد المنال، فالقرار العربي اتجه إلى تبنّي دعم مرشح المؤسسة العسكرية، ولن ينال فرنجية أي غطاء، أمّا باسيل فيستعمل شطارة التفاوض لرفع المردود إلى أعلى نسبة ممكنة، في ظل توجّه دولي وعربي إلى اختيار رئيس إنقاذي لا يكون عهده استمراراً للمأساة المستدامة.
يتبنّى ثنائي «أمل» و»حزب الله» ترشيح فرنجية، كخيار أول ولكن ليس كخيار وحيد، وبات من الصعب تصوّر انفكاك موقفي الطرفين كما حصل في العام 2016 حيث أيّد «حزب الله» على طريقة «الصولد»، ترشيح العماد ميشال عون فيما عطّل بري بطريقة «الصولد» عهد عون من البداية إلى آخر يوم في الولاية.
ينتظر «الثنائي» لحظة التسوية حيث ستطرح الأوراق على الطاولة للتفاوض الجدي، وعندها لن يكون هناك طرف داخلي ثالث، بل سيكون التفاوض بين «حزب الله» والمناخ العربي والدولي، وبنسبة عالية عبر قطر وفرنسا، والويل لمن سيوضع على صليب الرئاسة مكللاً بمسؤولية لم يسبق أن واجهها أيّ من جلس على كرسي بعبدا.