Site icon IMLebanon

مأزق الرئاسة يتعمّق: عجز الداخل ولا حماسة فرنسية للتدخّل وانكفاء خليجي

 

 

في ظل استمرار غياب مؤشرات التوافق بشأن الانتخابات الرئاسية، وفي حين لا يبدو أن هناك أي مسعى خارجي جدّي لحل المأزق الرئاسي، فإن الجلسة الـ11 المقررة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية التي حدّد موعدها رئيس مجلس النواب نبيه بري، الخميس، لن تخرج عن سياق سابقاتها، أي أن الشغور الرئاسي مستمر، بانتظار بروز معطيات داخلية أو خارجية، توحي بإمكانية حصول تبدّل في المشهد الداخلي الذي بقي أسير الشروط والشروط المضادة. وسط تساؤلات عما إذا كانت خطوة «التيار الوطني الحر» بالانتقال من الاقتراع بالورقة البيضاء إلى تسمية مرشح مستقل للرئاسة الأولى، ستساهم في تغيير صورة المشهد الرئاسي، أم أن الأمور ستبقى تراوح، بانتظار انفراج حقيقي لم يحن أوانه بعد.

 

وإذ لا يتوقع أن يحصل أي تبدّل في موقف المكونات النيابية في جلسة بعد غد، فإن أوساطاً نيابية أبلغت «اللواء» أن «لا معطيات حسّية يمكن الركون إليها بشأن حصول انفراجات في المشهد الرئاسي، ولا سيما أن كل طرف ما زال على موقفه، ولم يتقدم قيد أنملة باتجاه الطرف الآخر، الأمر الذي من شأنه أن يجعل الوضع على درجة من الصعوبة، ما يعني صعوبة انتخاب رئيس للجمهورية في الأسابيع المقبلة، طالما بقي كل فريق على موقفه» . وأشارت إلى أن «حزب الله الذي ينشد الحوار لتجاوز المأزق الرئاسي، يبدو في الوقت نفسه مصرّاً على السير بمرشحه سليمان فرنجية إلى النهاية، إلا إذا وجد بديلاً يتناسب مع مشروعه السياسي، ولا يشكّل أي خطر على سلاحه». ومن خياراته الأخرى وفقاً للأوساط نفسها التي قد يلجأ إليها، دعمه قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي يحظى بقبول لدى المعارضة، لاستحالة السير بالمرشح النائب ميشال معوض الذي لا زال يخوض المعركة الرئاسية، مدعوماً من حلفائه وفي مقدمهم «القوات اللبنانية» التي سيعيد نوابها تسميته في جلسة الانتخاب الرئاسية الخميس.

وتعرب الأوساط النيابية عن اعتقادها، أن «حزب الله يراهن على عامل الوقت، كما فعل عندما عطّل انتخاب رئيس للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، لسنتين ونصف السنة، حتى تمكّن من فرض الرئيس ميشال عون. وهو الآن يعتمد الأسلوب نفسه الذي اعتمده قبل انتخاب الأخير، ولو على حساب اتساع دائرة الانهيارات على مختلف المستويات، في وقت بلغ سعر صرف الدولار في السوق السوداء، مستويات قياسية غير مسبوقة، تنذر بتداعيات بالغة الخطورة على الأوضاع الاقتصادية والحياتية للبنانيين»، مشيرة إلى أن «الحزب سيترك ورقة قائد الجيش إلى نهاية الجولات الرئاسية، باعتبار أن همّه الأول والأساسي، تحضير المناخات التي تسمح له، بإيصال فرنجية إلى قصر بعبدا، ولو طالت الأمور أكثر من المتوقع، ولا سيما أن المؤشرات في معظمها تدلّ على أن لا رئيس للجمهورية حتى مطلع الصيف المقبل. وهذا وقت يعتقد حزب الله أنه كافٍ حتى يتمكن من تأمين الأصوات النيابية المطلوبة لانتخاب فرنجية، أو دعم العماد عون، إذا سارت الأمور عكس ما يشتهي».

وفي حين يلف الغموض مسار الحراك الخارجي، لا سيما ما يتصل باجتماع باريس الذي قد يعقد هذا الشهر، لمتابعة البحث في الملف اللبناني، فإن لا شيء عملياً متوقعاً من هذا الاجتماع في حال انعقاده، وفقاً لما تسرّب من أجواء العاصمة الفرنسية. وهذا مردّه بالدرجة الأولى إلى يأس الفرنسيين من الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان، ولعجزها الفاضح عن الالتزام بتعهداتها لإنقاذ البلد، واحترام المواعيد الدستورية. ما أفقد باريس حماستها للقيام بمساع لحل الأزمة اللبنانية، رغم تأكيدها على الاستمرار بالوقوف إلى جانب اللبنانيين، لكن تجاربها غير المشجعة جعلتها مترددة في القيام بمبادرات جديدة، لمعالجة المأزق الرئاسي. ولذلك فهي بعثت برسالة تحذير إلى السلطات اللبنانية، من خلال إيفاد محققين فرنسيين في وفد التحقيق الأوروبي، كأحد أوجه الضغوطات التي تريد ممارستها على المتهمين بالفساد، أو الذين يعطّلون الاستحقاقات الدستورية في لبنان، وفي مقدمها الانتخابات الرئاسية.

كذلك الأمر، فإن الجانب السعودي، انطلاقاً من موقف خليجي، منكفئ ولا يرغب في التدخل بالملف الرئاسي تحديداً، وإن كان يشارك في اجتماعات مع الفرنسيين، عنوانها الأساسي توفير مقومات الدعم للشعب اللبناني. وهو لا يزال ينظر بحذر إلى المسار السياسي الذي يعتمده لبنان، رغم العودة الخليجية إليه، على أساس المبادرة الكويتية التي لم يقتنع الخليجيون بالتزام لبنان ببنودها حتى الآن، الأمر الذي يفرض على اللبنانيين اتخاذ إجراءات وتدابير تساعد على طمأنه الخليجيين، وتدفعهم إلى مد يد العون للبنان للخروج من أزماته، ووضع الاستحقاق الرئاسي على سكة الحل.