IMLebanon

باريس تعود إلى المربّع الأول: أكاديميون يتصدّرون اللائحة “الماكرونية”

 

 

يحاول الفرنسي أن يلعب في الوقت الضائع مستغلاً عدم وجود إتفاق إقليمي ودولي على حل ملف لبنان، لذلك فهو يُفعّل حراكه الرئاسي. اذ تؤكّد مصادر دبلوماسية مطّلعة على الموقف الفرنسي أنّ الإتصالات لا تزال مستمرة بين باريس وطهران حول ملف لبنان، لكن ما كان يطمح إليه الفرنسي إقتصادياً حصل عليه في بيروت برعاية السلطة الحليفة لطهران بقيادة «حزب الله»، إذ تمّ حفظ حق شركة «توتال» الفرنسية في استخراج الغاز والنفط من الشواطئ اللبنانية بعد إنجاز ملف ترسيم الحدود.

 

لا شكّ أن الدول الكبرى وعلى رأسها فرنسا تتحرّك وفق مصالح شعوبها والقوى النافذة فيها، لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحاول التوفيق بين هذا المعطى وبين حفظ دوره في لبنان ومحاولة لعب بلاده دور «الأم الحنون»، لذلك فهو لا يتعب من طرح المبادرات.

 

وإذا كانت طهران سهّلت لباريس ما تريده إقتصادياً في لبنان من دون عرقلة، إلّا أنّها في الملف الرئاسي لم تمنحها ما تريد، والحجة الإيرانية كما تكشف المعلومات، ليس لأنّ إيران غير راغبة في التعاون مع فرنسا، بل إنّ الجواب الإيراني كان واضحاً وهو: الملف اللبناني في يد «حزب الله» وإذا ضغطنا على «الحزب» وسار، هل تضمنون أن بإمكانكم إقناع واشنطن بالسير بالإتفاق الذي قد نصل إليه معكم؟ وهذا الأمر يكشف جلياً أنّ طهران ترغب في إبرام تسوية مع واشنطن وليس مع باريس لأنّها تعتبر أنّ الولايات المتحدة الأميركية هي الدولة الأكثر تأثيراً في واقع لبنان والمنطقة وليس فرنسا، وعلاقتها مع باريس تأتي في إطار الحفاظ على مفاوض أوروبي ليس أكثر.

 

وفي السياق، فإنّ باريس تعلم جيداً أنّه لا مجال للإتفاق على رئيس سياسي من أي فريق، وهي وإن كانت متحمّسة لترشيح رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية سابقاً، إلا أنّها اكتشفت أنّ هذا الإسم لن يمرّ حتى هذه اللحظة بسبب معارضة رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل لوصوله، إضافةً إلى رفض «المعارضة السيادية» لوصول رئيس حليف لـ «حزب الله»، بينما ترى أنّ قوى المعارضة هي الأخرى غير قادرة على إيصال رئيس للجمهورية من صفوفها، بسبب تشرذمها وعدم قبول الفريق الآخر برئيس من صفوفها.

 

وتشير المعلومات إلى أنّ باريس أعادت طرح عدد من الأسماء الأكاديمية، ومن لهم تجارب سابقة مثل الوزير السابق زياد بارود، في حين تركّز على بعض الأسماء الاقتصادية أيضاً، وتحاول تسويق تلك الأسماء في الخارج وبين القوى السياسية الداخلية. وأعادت باريس طرح أسماء أكاديمية واقتصادية مثل رجل الأعمال سمير عساف، والذي كان يرشحه ماكرون لتولي حاكمية مصرف لبنان، إضافةً إلى أن الجانب الفرنسي طرح اسم الرئيس الفخري لخريجي هارفرد والخبير الإقتصادي حبيب الزغبي، وقد تمّ التواصل مع «حزب الله» عبر وسطاء لتسويق طرح الزغبي، ولم يُبدِ «الحزب» إعتراضه على الإسم المطروح أو بقية الأسماء «الماكرونية» لكنه أكّد أن الأمور لم تنضج بعد.

 

ويعود طرح باريس لأسماء أكاديمية وليس سياسية لمعرفتها بصعوبة وصول أي اسم سياسي نتيجة التوازنات الموجودة، إضافةً إلى أنها تعتبر أنّ المرحلة تحتاج إلى رجال اقتصاد لأن استمرار نزيف لبنان الإقتصادي سيؤدّي إلى مزيد من إنهيار الدولة، وهذا الأمر لن تسمح به باريس لذلك تعطي الأولوية لمرشحين يحملون برامج حلّ وقادرين على التواصل مع الخارج.

 

ويبدو أنّ باريس جدّية أكثر من أي وقت سابق في محاولة إيجاد خرق في الملف الرئاسي وهي لا تريد أن تكرر فشل تجربة 2007 الرئاسية، لذلك فإن السفيرة الفرنسية آن غريو التي تلتقي القوى السياسية تحرص على عدم الدخول في دهاليز اللعبة الداخلية، في وقت يتابع ماكرون كل التفاصيل اللبنانية ويعطي هذا الملف الإهتمام الكامل ويطمح لأن يكون عراب أي رئيس جديد يُنتخب… وطبعاً من لائحته.