أشعر بعاطفة وحزن على الذين يظنون انهم بجلوسهم في البرلمان، أو أن اعتصامهم فيه يمكن أن يعطي أي نتيجة.. وذلك بكل بساطة وصراحة لأنهم لو جلسوا «كل عمرهم» في المجلس النيابي ومهما كان معهم من تعاطف شعبي وغيره، وأي تشجيع إعلامي -خصوصاً من التلفزيونات التي هي بحاجة الى (حدث) كي تملأ الفراغ بالبث، لأنها تحصل على مادة مجانية لا تكلفها مالاً- فإنّ النتيجة واحدة لن يستطيعوا أن يتقدّموا شبراً واحداً نحو الوصول الى انتخاب رئيس جمهورية جديد للبلاد…
لا أقول هذا الكلام لأني لا أقدّر ولا أحترم تضحيات النواب الجدد، الذين يظنون انهم بجلوسهم في المجلس النيابي قد يتوصلون الى نتيجة.
فالأهم من الاعتصام الكلام الذي يصدر عن سيّد بكركي في قداس الأحد، كل أحد، وهو يدعو الى ضرورة انتخاب رئيس جديد وأنه لا يجوز شغور موقع رئاسة الجمهورية.
وإذا تعمّقنا في كلام متروبوليت بيروت للروم الأرتوذكس الياس عودة أيضاً في قداس كل أحد نراه يطلب ويتمنى على النواب أن ينتخبوا رئيساً جديداً.. والنتيجة واحدة… لا أحد يرد.
لو عدنا الى التاريخ القريب يوم بقي موقع رئاسة الجمهورية شاغراً بسبب ما قاله السيّد حسن نصرالله الذي كان يردد في كل مناسبة، أو بدون مناسبة «يا بتنتخبوا الرئيس ميشال عون وإلاّ لن يكون هناك رئيس».
بقي السيّد حسن يردد على مدى سنتين ونصف السنة الجملة نفسها «يا بتنتخبوا ميشال عون رئيساً يا اما لن يكون هناك انتخاب».
على كل حال، عدد نواب المجلس النيابي 128 نائباً، وعدد النواب التغييريين 12، فهناك سؤال بديهي: ماذا يمكن أن يفعل اثنا عشر نائباً؟.. حتى ولو زدنا العدد الى 24 أو 36، فإنّ المشكلة هي: ما دام السيّد حسن لا يريد أن تُـجرى الانتخابات فلن يكون هناك انتخاب ولن يكون عندنا رئيس.
ولو نظرنا الى موقف «القوات اللبنانية»، نرى انها تضع شروطاً ومواصفات لا تتلاقى مع طرح السيّد حسن نصرالله، لذلك.. فلماذا يُتْعِب جعجع نفسه؟
لو كان جعجع فعلاً يريد أن تتم عملية الانتخاب، فإنّ عليه أن يتفق مع مرشح مسيحي يقبل به السيّد.. هذا هو الطريق وهذا هو الحل الوحيد.
اما أن نعارض، ونضع شروطاً لمجرّد المعارضة، فهذه مجازفة لا تؤدي الى نتائج إيجابية. لنا الحق أن نعارض ولنا الحق في أن نضع شروطاً، ولكن كل ذلك لن يؤدي الى انتخاب رئيس جديد.
أخيراً، أظن ان دعوة الرئيس نبيه بري الى طاولة حوار، قد تكون السبيل الوحيد الذي يمكن أن نصل به الى انتخاب رئيس جديد.
أما إذا بقيَت «القوات» على موقفها، وبقي النواب التغيريون أيضاً على اعتراضهم.. فذلك لن يصل بالبلاد الى أي حل..
صحيح ان الأوضاع الاقتصادية بحاجة الى انتخاب رئيس، وإلى تشكيل حكومة، وإلى وضع برنامج قد يساعد على الخروج من المأزق الذي نعيشه… ولكن المشكلة ان كل طرف يظن انه يستطيع أن يغير الوضع وحده.
أقول للجميع: من دون وفاق واتفاق مع «الحزب»، لن يكون هناك رئيس والأيام ستبرهن على ذلك..