دلائل خطيرة لعدم الاهتمام الخارجي منها تأخير الاستحقاق الرئاسي
ليس أدلّ على عدم الاهتمام الخارجي بالوضع اللبناني وبخاصة بالاستحقاق الرئاسي ومعالجة الأزمة الاقتصادية والنقدية والمعيشية، سوى ما قاله أمس من واشنطن نائب رئيس المجلس النيابي إلياس بو صعب بعد لقاءاته مع أعضاء المكتب التنفيذي في البيت الأبيض ومسؤولين في وزارتي الخارجية والخزانة والبنك الدولي. سواء لجهة عدم الاهتمام الأميركي بإنتخاب رئيس للجمهورية وعدم تسمية أو تزكية أي مرشح، أو لجهة تجميد القرض الدولي لاستجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن. ولعل هذا الكلام يفعل فعله في لبنان فيجري التفاهم الداخلي على سلة صغيرة من أسماء المرشحين يتم انتخاب أحدهم لرئاسة الجمهورية.
ad
لكن باعتقاد مصادر سياسية متابعة انه حتى لو تم التفاهم اللبناني على انتخاب رئيس تبقى المشكلة في قبول الدول المعنية بالوضع اللبناني من عربية وغربية بهذا الرئيس وتسهيل مهمته بالتعاون معه لإنقاذ لبنان من حالة الانهيار غير المسبوق التي يعانيها، وحتى لا تتكرر تجربة الرئيس ميشال عون مع هذه الدول التي لم تؤمن لعهده الدعم اللازم، فيبقى الحظر والعقوبات وعدم الاكتراث عدا الضغوط بأشكال مختلفة، ما يثير مخاوف وتكهنات بإحتمال أن يكون المطلوب إسقاط لبنان من الداخل عبر الضغوط المعيشية والسياسية والمالية والخدماتية وحتى القضائية، تمهيداً لإحداث إنقلاب في الواقع السياسي اللبناني وتغيير المعادلات والتوازنات الداخلية، كما ترى بعض الجهات السياسية.
وبناء على هذه المعطيات إذا صحّت، لا يمكن البناء والرهان على تفاهم داخلي لإنتخاب رئيس للجمهورية ومعالجة الأزمات المتفاقمة على كل المستويات، ولا على الحراك الخارجي المتمثل اليوم بالاجتماع الخماسي السعودي – القطري – المصري – الفرنسي – الأميركي في باريس. حتى الرهان على دعم خارجي لبعض المؤسسات الرسمية كالجيش وقوى الأمن بات يتضاءل مع ورود المعلومات التي تواترت أمس عن اقتراح لبعض النواب الأميركيين الجمهوريين بوقف الدعم الأميركي للجيش اللبناني بحجة «انه تابع لحزب الله»، بغض النظر عمّا إذا كان سيتم إقرار هذا الاقتراح أم لا في الكونغرس الأميركي، لكنه يبقى دليلاً على استمرار الضغوط من هذه الجهة الأميركية أو تلك العربية والغربية على الواقع اللبناني بهدف تغيير الوقائع السياسية والإجرائية القائمة.
ويزيد الأمر تعقيداً عدم القدرة اللبنانية على تحقيق ولو حد أدنى من التفاهم الداخلي بسبب الانقسام والخلافات وتضارب الأجندات والمصالح والأهداف لا سيما بين القوى المسيحية، التي ما زالت تتردد أو تدرس خيار المشاركة في اجتماع كل النواب المسيحيين الذي دعا إليه اجتماع أقطاب كل الكنائس المسيحية الاسبوع الماضي. بخاصة ان الانقسام والاختلاف قائمين حول المرشحين الأكثر تداولاً للرئاسة، قائد الجيش العماد جوزيف عون، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية وصلاح حنين وناجي البستاني، عدا الأسماء التي ما زالت «أوراقها مستورة» ويجري التداول بها على نطاق ضيق في الغرف المقفلة كبدائل في حال لم يتم التوافق على «المرشحين الكبار» أو الجدّيين. علماً ان معلومات «اللواء» تفيد ان الرئيس نبيه بري أبلغ شخصية مقرّبة جداً من فرنجية انه ما زال متمسّكاً بترشيحه للرئاسة ويعمل على إنضاج ظروف إيصاله، سواء نجحت جهوده أو لم تنجح.
ولكن أظهرت تطورات الأسابيع الماضية انه من الصعب التوافق على أي مرشح لأسباب عديدة سياسية ودستورية وإجرائية، عدا الضغوط الخارجية، ما يعني إطالة عمر الشغور الرئاسي، وعمر حركة حكومة تصريف الأعمال التي يعني استمرار عقد جلساتها المزيد من الانقسام والخلاف، أو على الأقل تسجيل المواقف عالية النبرة ما يزيد التوتر في البلد.