IMLebanon

تجمّعات سياسية قامت ثم تلاشت.. نهاية تحالفات 2005 و2006 (10)

 

 

مائة يوم أولى على الشغور الرئاسي.. الترياق الفرنسي لم يصل

 

تمضي اليوم المئة الأولى من الأيام على الشغور الرئاسي في لبنان، من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر بإنجاز هذا الاستحقاق قريبا، وفيما لم تسفر الجلسات الانتخابية الـ11 عن أي نتيجة، تستمر الحكومة الميقاتية الثالثة التي تعتبر مستقيلة منذ بدء ولاية مجلس نواب 2022 في 22 أيار الفائت في مهام تصريف الأعمال، في وقت يواصل الدولار ألاعيبه وتحليقه، مترافقا مع ارتفاع جنوني في الأسعار وتدهور حياة الناس الاقتصادية والمعيشية والصحية والتربوية، فيتواصل الشغور الرئاسي ويستمر عداد فراغ الكرسي الأولى بالتصاعد، بانتظار إشارة مرور خارجية، عبر توافق دولي، وإقليمي وتحديدا عربي كان يطلق عليه «الوحي» الذي يحوّله النواب في صندوقة الاقتراع بإسم الرئيس العتيد، وفي المفارقات الرئاسية منذ أول رئيس استقلالي، انه كانت تقوم مع كل رئيس جديد تكتلات وجبهات سياسية وحزبية جديدة، وتختفي أخرى.

 

وبعد ان سلّط الاهتمام على العاصمة الفرنسية باريس بانتظار نتائج اللقاء الخماسي، على اعتبار أن طبقه الأساسي هو واقع الحال في لبنان، لكنه جاء ليؤكد مرة جديدة أن لبنان ليس في الأولويات الدولية، وحتى اللحظة لا دينامية سياسية خارجية تسمح بإعطاء دفع للاستحقاق الرئاسي، ما يضع القوى السياسية اللبنانية أمام مسؤولياتهم للبننة الاستحقاق، علما أن وقائع الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا خطف الأضواء عن اللقاء الباريسي.

بأي حال، فإن «كلمة السر» الحاسمة بشأن الانتخابات الرئاسية لم تصدر بعد، ليحوّلها نواب «الأمة» الى حقيقة في صندوقة الاقتراع الزجاجية، وبالتالي سيتواصل  عداد أيام الشغور في الكرسي الأولى بالتصاعد «حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا» وغدا يدخل اليوم الأول بعد المئة، فيما تتواصل معه مرارات اللبنانيين التي باتت تطال كل تفاصيل حياتهم اليومية، وخصوصا الصحية والاجتماعية والتربوية والاستشفائية والدوائية والغذائية، إضافة الى النور وحركة النقل، لكن ثمة سؤال يبقى يلحُّ في خاطر اللبنانيين عن كيفية ولادة تجمعات وتكتلات أو أحلاف سياسية في كل فترة زمنية ثم لا تلبث أن تذهب الى التلاشي والإختفاء. وبعد عرض عن تحالفات ولقاءات قامت بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، والوقائع التحالفية لأحزاب ومجموعات سياسية في مرحلة مسيرة الطائف، التي انتقلت الى مرحلة جديدة بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط 2005.

 

8 و14 آذار

بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، انقسمت القوى السياسية في لبنان بين تیارین أساسيين، هما (8 آذار) و(14 آذار)، وتعود التسمية إلى تاريخ الحدث المؤسس لكل تيار، حيث نظم التحالف الأول تظاهرة حاشدة في ذلك التاريخ من عام 2005 (أي يوم 8 آذار)، لشكر سوريا على ما قدمته للبنان وللمقاومة اللبنانية في دفاعها عن التراب اللبناني، وذلك بعد صدور دعوات تطالبها بالخروج من لبنان في أعقاب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فكان أن رد التحالف الثاني بعد أسبوع بتظاهرة كبرى مضادة، حيث تكون هذا التحالف من الأحزاب والحركات السياسية التي ثارت على الوجود السوري في لبنان بعيد الاغتيال وقد اطلق البعض على هذا التحالف آنئذ ما سُميّ بثورة الأرز. واتخذت قوى «14 آذار»  رمزاً لها في تلك المظاهرات الوشاح الأحمر والأبيض، وأشهر العبارات التي رددت خلال المظاهرات «الحرية والسيادة والاستقلال» و«الحقيقة والحرية والوحدة الوطنية».

الجدير بالذكر هنا، أن الجيش العربي السوري قد خرج لبنان في 16 نيسان 2005.

التحالف الرباعي

في تلك الفترة، كانت نهاية ولاية مجلس النواب المنتخب عام ألفين لمدة أربع سنوات وثمانية أشهر «لمرة واحدة وفقا لما جاء في قانون الانتخاب» تقترب من نهايتها، فكان نوع من الاتفاق أو التحالف بين مجموعتي 8 و14 أذار، فعرف اللبنانيون في ربيع عام 2005، الحلف الرباعي. بين تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحركة أمل وحزب الله, وكان في بعض الدوائر الانتخابية خماسيا كحال دائرة بعبدا، ولكن هذا التحالف سرعان ما انفرط عقده بسرعة بعد الانتخابات النيابية. إذ انتج يومها أكثرية نيابية لا تفي إلا لأغراض سياسية وحسابات انتخابية.

تحالف مار مخايل

ad

بأي حال، فإن الإنقسام السياسي في لبنان بشكل عام، بعد انتخابات 2005 لم يشهد خروقات واضحة في الاصطفافات السياسية، بل تمترس كل طرف ضمن تحالفاته، لكن البارز في مجرى تطورات تلك المرحلة خروج «التيار الوطني الحر» بزعامة العماد ميشال عون من تحالف (14 آذار) وإعلانه التفاهم مع (حزب الله)، من خلال وثيقة التفاهم التي تم توقيعها في السادس من شهر شباط عام 2006 في كنيسة مار مخايل بين العماد عون وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، مما أدّى إلى بناء تحالف بين التيار الوطني الحر وقوى 8 آذار.

نهاية تحالفين

يمكن القول أن نهاية تحالفي «14 آذار» و«8 آذار»، بدأت خطواتها الأولى بعد أحداث السابع من أيار 2008، وما نتج عن تسوية الدوحة، وانتهاء انتخابات 2009، حيث اتخذ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط خطا وسطيا مع منحى أبعد بالنسبة للاستقلالية عن السياسة الإقليمية. وبعدها شكّل انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، بعد إعلان زعيمي تيار المستقبل، سعد الحريري وحزب القوات اللبنانية سمير جعجع، تأييدهما له، نهاية مرحلة طويلة من الانقسام السياسي الداخلي بين تحالفي 8 و14 آذار، وبالتالي كانت نهاية تحالفين.