الاستحقاق الرئاسي في مرحلة جديدة من التعقيد.. والعجز يغطي على الترشيحات
لا يصلح أي توصيف للواقع السياسي الراهن في البلد سوى ذلك الذي ينطلق من عبارات التعطيل والتراخي والمراوحة. ينطبق الأمر أولا وأخيرا على الملف المجمد ألا وهو الإستحقاق الرئاسي الذي لم يعد يتصدر عناوين التداول في ظل أخبار الهزات وإضراب المصارف، وكأن المعنيين نفضوا يدهم عنه لفترة معينة. فليس في الأمر أي تمهيد لخرق ما على الجبهة الرئاسية. وكل ما في الأمر أن الأفرقاء على اختلافهم اوصدوا الأبواب أمام أي تفاوض من شأنه تقريب المسافات. وتمترس كل طرف خلف شروطه ومطالبه دون إمكانية ضئيلة بتبديل وجهة نظره.
وفي السياق نفسه، ظلت ترشيحات عدد من شخصيات معلقة بعدما اصطدمت بجدار النصاب ولعبته والتي حتمت عدم انعقاد جلسات الإنتخاب التي لم يقرر استئنافها في المدى المنظور، شأنها شأن اي جلسة تشريعية تضم جدول أعمال. وعلى هذه الحالة، يرى مراقبون أن غياب البرلمان في لعب دوره التشريعي سيدفع حكما إلى ابقاء سلسلة قضايا من دون البت لاسيما إذا كانت هناك مشاريع قوانين رئيسية على أنه من الواضح أن ذلك التكامل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية غير قادر على إنتاج القرارات.
وعلى ما يبدو فإن الأيام المقبلة مفتوحة على معارك سياسية قضائية يجري التحضير لها من عدة افرقاء في البلاد، ما قد يؤشر إلى أن الاستحقاق الرئاسي لن يكون بعيدا عن هذه المعركة.
وتقول أوساط سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان التصعيد الذي بدأه التيار الوطني الحر مرشح لأن يتواصل في مناسيات تحمل الصبغة البرتقالية وتعلن أن العلاقة المأزومة بين التيار وحزب الله ستنعكس في خطابات النائب جبران باسيل دون معرفة ما إذا كانت هناك من وساطة مستجدة أم أن حبل التواصل قد انقطع كليا، مؤكدة أن من يراهن على عودة المياه إلى مجاريها بين التيار والحزب مخطئ.
وترى هذه الأوساط أن ما انتهجه التيار قبل انتخاب الرئيس ميشال عون لجهة ممانعة وصول رئيس بمواصفات محددة لم يتخلَّ عنها ولن يقدم على خطوة تمنح هذا الفريق أو ذاك النصر الرئاسي وبالتالي لن ينتخب رئيس من دون رضى التيار واذا انتخب رئيس للبلاد من دون موافقته فسيكون له بالمرصاد، قائلة أن معارضته لوصول رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون إلى سدة الرئاسة تعد الأشرس في الوقت الراهن، وأي مرشح ليس من صلب التيار البرتقالي لن يحظى بتأييده والرسالة وصلت.
وتعتبر هذه الأوساط انه وسط الانقسام السياسي الحاصل يبرز المشهد الحالي: التيار فك ارتباطه بقوى الثامن من آذار، يعارض رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وليس على علاقة طيبة مع الأفرقاء المسيحيين، في حين أن تودده إلى بكركي ينطلق من أهمية توافر الغطاء المسيحي له.
إلى ذلك تشير الأوساط إلى أن المعارضة من جهتها لم تبرز خططا جديدة للحد من الشغور الرئاسي،وبالتالي لم تتراجع علانية عن دعم النائب ميشال معوض، فهل تنتظر أي معطى للسير بدعم قائد الجيش العماد جوزاف عون لاسيما أن القوات اللبنانية لم تبدِ أي اعتراض على ترشيحه .
بوصلة الخارج تؤثر في صعود هذا المرشح أو ذاك أو هبوط أسهمه
وتوضح أنه في كل الأحوال تبدو الصورة الإنتخابية مستقرة لجهة بقاء الأسماء نفسها في دائرة المنافسة الإنتخابية حتى وإن كانت تحتاج إلى المزيد من التسويق وتوضيح مجموعة نقاط،مع العلم ان البعض حدد موقفه وينتظر الفرصة المناسبة «ليطحش» رئاسيا أو لإستثمار دعم خارجي برز مؤخرا، معلنة أنه تارة ترتفع أسهم قائد الجيش وتارة أخرى أسهم رئيس تيار المردة وذلك وفقا لبوصلة الخارج والحراك الذي سجل، مؤكدة أن الحركة الخارجية المؤثرة في الإستحقاق الرئاسي قد لا تتأخر في الظهور وإخراج الملف من جموده القاتل.
ما ينتظر الملف الرئاسي طرح جديد يعيد التركيز اليه بشكل جدي ويدخل في مسار التداول والأخذ والرد قبل نضوج الحل المنشود