IMLebanon

“القوات” لن تكون “ممراً” لمرشح “الممانعة”: المواجهة تتطوّر!

 

نصف عام مرّ على بداية المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، ودخل البلد في الشهر الخامس من الشغور الرئاسي، بالتوازي مع الواقع الانهياري، ولا يزال هدف “حزب الله” وحركة “أمل” تأمين انتخاب رئيس تيار “المرده” سليمان فرنجية رئيساً. فالتعطيل والحُكم بقوة الترغيب أو الترهيب، لعبة يجيدها “الثنائي” وجرّبها في أكثر من محطة دستورية وسياسية، وتحديداً في الاستحقاق الرئاسي.

 

“الثنائي الشيعي” يتجاهل المعارضة المسيحية شبه الكاملة لوصول فرنجية، ولا يقتنع بـ”نهائية” “الفيتو” السعودي على أي مرشح يدور في فلك “حزب الله” ولا باستحالة تأمين أكثرية النصف زائداً واحد أو نصاب الثلثين لانتخاب حليفه التاريخي. كذلك “يتمترس” هذا الثنائي مكانه رئاسياً ولا يخطو في اتجاه التوافق لا مع حليف “الحزب” رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ولا مع باقي الكتل النيابية على مرشح وسطي. حتى التأكيدات العربية والغربية التي تتكرّر على مسامع الأفرقاء السياسيين ومنهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، لجهة أنّ وصول مرشح “حزب الله” سيعني “سحب اليد” الخليجية والسعودية تحديداً من لبنان نهائياً وبالتالي خسارته مصدر الأوكسيجين الوحيد الذي تحتاج إليه رئته الاقتصادية لـ”التنفُس” مجدداً، يعوّل “الثنائي الشيعي” على تبدّلها بعد تسلُّم فرنجية المهمة الرئاسية.

 

داخلياً أيضاً، لا يزال “الثنائي” يراهن على تبدُّل موقف باسيل، كما كشف بري في حوارٍ صحافي خلال هذا الأسبوع. كذلك يراهن على تأمين حزب “القوات اللبنانية” الميثاقية المسيحية لجلسة انتخابه، انطلاقاً من مواقف سابقة لرئيس “القوات” سمير جعجع، فعدم تأمين النصاب قد يحصل مرّة أو اثنتين أو ثلاثاً… لكن “لا يُمكننا عرقلة النصاب الى أبد الآبدين”.

 

في الواقع النيابي العددي، لا يُمكن لتكتل “الجمهورية القوية” وحده أن يعطّل نصاب جلسة انتخاب رئيس، ولا حتى مع حزب “الكتائب اللبنانية”، فهذا يتطلّب عدم مشاركة 43 نائباً في الجلسة. لكن مع مقاطعة تكتل “لبنان القوي” وبعض النواب المستقلّين يُمكن إفقاد النصاب اللازم لعقد الجلسة. وتكمن أهمية عدم مشاركة أكبر كتلتين مسيحيتين في جلسة انتخاب فرنجية، هذا إذا تأمّن النصاب اللازم لعقدها، في نزع “الميثاقية” المسيحية عن هذه الجلسة والشرعية الشعبية المسيحية عن هذا العهد.

 

لذلك، مقابل “تعنُّت” فريق الممانعة رئاسياً، تطوّر موقف “القوات” من تأمين النصاب لانتخاب الرئيس “حتى لو كان لمرشح “حزب الله”. إذ أعلن جعجع في مقابلة صحافية، الأربعاء الفائت، أنّه “إذا استطاع “حزب الله” وحلفاؤه أن يجمعوا 65 صوتاً لمرشحهم.. سنقاطع طبعاً”. هذا الموقف يربطه البعض بالموقف السعودي، ويعتبر آخرون أنّ جعجع تراجع عن موقفه السابق، إلّا أنّ مسار تعامل “القوات” مع الملف الرئاسي، يدلّ على أنّ الثابت هو مواجهة وصول رئيس من 8 آذار فيما وسائل هذه المواجهة تتطوّر بحسب التوقيت، فما يسري خلال المهلة الدستورية يختلف عمّا يجب القيام به بعد أكثر من 6 أشهر على بداية هذه المهلة بسبب نهج الفريق الممانع التعطيلي.

 

وتوضح مصادر “القوات” أنّ موقف الحزب غير متبدّل بل متطوّر، فـ”القوات” تعتبر أنّ هناك مهلة دستورية لانتخاب الرئيس على كلّ القوى السياسية التزامها، لكن الكتل البرلمانية الممانعة أطاحت بها. وبعد مرور شهر وشهرين وثلاثة على انتهاء هذه المهلة، أكدت “القوات” أنّها تلتزم الآلية الديموقراطية الدستورية، وبالتالي في حال نجح الفريق الآخر بتكوين أكثرية لانتخاب مرشحه ستحاول تفكيك هذه الأكثرية لمرة ومرتين وثلاث، لكن في نهاية المطاف “لا حول ولا قوّة”. أمّا وأنّ “حزب الله” مصرّ مع حلفائه على انتهاج التعطيل إلى ما لا نهاية، فلا يُمكن أن تقبل “القوات” بأن يكون الدستور أداةً يستخدمها هذا الفريق بالطريقة التي يراها مناسبة، بحيث عندما يجد أنّ هناك فرصة لإيصال مرشحه الرئاسي، يلجأ إلى الدستور، وعندما يرى أنّ الدستور يمنعه من إيصال مرشحه يعطّله. لذلك لن تسلّم “القوات” بهذه المعادلة وتشرّع أبوابها لهذا الفريق لكي يتمكّن من إيصال مرشحه على “ظهرنا”، لحظة يتمكّن من أن يؤمّن ظروف انتخابه. وتقول المصادر “القواتية”: “أعطينا مجالاً وفرصة، أمّا وأنّ الفريق الآخر يضرب كلّ شيء بعرض الحائط فلن نسمح بهذه المسألة”.

 

إلى هذا السبب الدستوري، تقارب “القوات” الاستحقاق الرئاسي على أنّه مسألة إنقاذية، وليس مجرّد تنازع على الكرسي بين فريق دولتي وآخر ممانع. ولا يُمكن وفق التجربة في العهد السابق، بحسب “القوات”، أن يتحقّق الإنقاذ عن طريق الفريق الآخر، فالبلد في حاجة إلى رئيس قادر على الإنقاذ، وهو الذي يحمل برنامجاً إصلاحياً وخلفية سيادية، ولا يقبل بأن تكون الدولة خاضعة للدويلة، وحريص على علاقات لبنان الخارجية وعلى الربط مع الخليجيين والمجتمع الدولي. لذلك، تعتمد “القوات” في هذا التوقيت الرئاسي مقاربة أنّ الشغور قد يخلق فرصة لوصول رئيس إنقاذي بينما وصول رئيس ممانع يعني ولاية جديدة من الانهيار.

 

أمام تطوُّر مواجهة وصول رئيس “ممانع”، يرى البعض أنّ “القوات” عليها القفز إلى خطوة استباقية لاحتواء “تمرُّد” باسيل على “حزب الله” والاتفاق معه على مرشح، ما يمكّن أكبر كتلتين مسيحيتين من تغيير الواقع الرئاسي. إذ إنّ “ممانعة” باسيل لوصول فرنجية تشكّل الحاجز الأبرز أمام انتخاب الأخير. أمّا في حال تمكّن “الحزب” من استمالة باسيل إلى ملعبه الرئاسي سيُصبح انتخاب فرنجية شبه محسوم، فمع هذه الميثاقية المسيحية قد ينضمّ آخرون إلى هذه الجبهة، ويُصبح تعطيل النصاب غير متوافر وتنتفي الحاجة إلى مشاركة “القوات” في الجلسة. لكن “القوات” تعتبر أنّ باسيل لم يحسم خياراته بعد، لا المبدئية لجهة حلفه مع “حزب الله” ولا الرئاسية، و”عندما يحسمها لكلّ حادثٍ حديث”.