لم يستطع اي طرف او مكون سياسي، وحتى سفراء اللجنة الخماسية، وقبلها الموفد الفرنسي ايف لودريان من تحقيق اي اختراق ملموس في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية، بعد مرور ما يقارب السنة واربعة اشهر، وبقي الاستحقاق الرئاسي يدور في حلقة مفرغة، تارة بضرورة اجراء حوار مسبق بين الاطراف السياسيين، للتفاهم على اسم المرشح الرئاسي، وتارة اخرى بتأجيل طرح الملف، ريثما تنتهي الحرب الإسرائيلية العدوانية ضد قطاع غزّة، ما ادى الى بقاء لبنان بلا رئيس للجمهورية، بالرغم من ضروة انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن، لكي يتولى اعادة الانتظام لمؤسسات الدولة وتفعيل دورها في معالجة الملفات والمواضيع المهمة التي تشغل اللبنانيين، والمباشرة بحل الازمةالضاغطة، والتصدي لتداعيات الاوضاع المتفاقمة جنوبا.
ويوماً بعد يوم يتبين، ان كل الحراك الداخلي والخارجي، تحت اي يافطة او عنوان كان، لا يقدم او يؤخر في تحريك ملف الاستحقاق الرئاسي، ولو خطوة واحدة باتجاه اجراء الانتخابات الرئاسية، انما هو لتقطيع الوقت الضائع، بعدما سد حزب الله السبل لتسهيل انتخاب رئيس الجمهورية، وقطع الطريق على كل الوساطات والمساعي الجارية لاستئناف النقاش بالملف، وربطه مباشرة بعد انتهاء الحرب على غزّة، بحجة انشغاله بهذه الحرب في الوقت الحاضر.
وما زاد الطين بلّة ان الطبقة السياسية بكل زعاماتها وقياداتها، استسلمت عجزا لربط الانتخابات الرئاسية بانتهاء الحرب، ولم تستطع إخراج هذا الملف من قبضة تعطيل الحزب، بمبادرة فاعلة، او بأي جهد استثنائي ملموس، ما أدى إلى إطالة امد الفراغ الرئاسي الى وقت غير معلوم، ولبنان غارق بانتظار انتهاء الحرب نظريا على الاقل، فيما يمكن ان يكون الانتظار اطول من الوقت الموعود، تحت عناوين وحجج جديدة، لها علاقة بمصالح ايران التي حرضت الحزب على إشعال جبهة الجنوب اللبناني، بحجة اشغال قوات الاحتلال الاسرائيلي عن المشاركة بالحرب ضد الفلسطينيين في قطاع غزّة.
لذلك، تبقى كل الحسابات السياسية التي تتوقع معاودة طرح ملف الاستحقاق الرئاسي، فور انتهاء حرب غزة، وإن كانت مسنودة بمواقف حزب الله، او كونها نتيجة طبيعية متوقعة، ولكنها ليست مؤكدة او مضمونة، بل هي مفتوحة على احتمال محاولة الحزب او اي طرف اقليمي او دولي مشارك بهذه الحرب، مباشرة او بشكل غير مباشر، توظيف نتائجها لصالحه بالانتخابات الرئاسية، ما يؤدي حتما الى إعادة خلط اوراق الانتخابات الرئاسية من جديد، وادخال لبنان في متاهات، لا تُعرف نتائجها.
ولكن برغم كل الامال والتوقعات بامكانية البت بملف الانتخابات الرئاسية فور انتهاء حرب غزة، من المرجح ان يحسم هذا الملف ضمن التفاهمات والاتفاقات التي ستحصل على هامش انهاء الحرب، بين الولايات المتحدة الأميركية وايران، وهي بدأت بالفعل في مسقط، وقد تستغرق وقتا اطول مما هو متوقع، ولا يعرف على حساب من تكون نتائجها، لمصلحة لبنان او لمصالح الاخرين.