إستبق رئيس مجلس النواب نبيه بري نهاية الشهر الأول من المهلة الدستورية لانتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، بالإعلان عن تحديد جلسةٍ نيابية للإنتخابات، مطلقاً بالتالي الإشارة العملية للإستحقاق، والذي يترافق هذا العام مع سلسلة استحقاقات دستورية ومالية واقتصادية وحكومية وتشريعية، علماً أن مصادر سياسية مطلعة، لا تعتقد أن هذا التطور، سيعني ومن الناحية العملية أن التوافق أو الإنتخابات الرئاسية قد باتت على الأبواب، وإن كانت هذه المصادر ترى أنه وبعد جلسة إقرار مشروع الموازنة العامة، رغم المعارضة النيابية الواسعة لها، فإن سيناريو تأمين النصاب لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، قد بات جاهزاً في الكواليس السياسية. وبالتالي، فإن المرحلة المقبلة سوف تشهد ارتفاعاً لمنسوب العمل والجهد المبذول على أكثر من صعيد محلي وأيضاً خارجي، بهدف الإعداد للإنتخابات الرئاسية، وذلك توازياً مع استئناف المساعي لإعادة قطار تأليف الحكومة إلى السكة الصحيحة، في ضوء بروز بعض العقد، كما كشفت المصادر السياسية المطلعة نفسها.
وفي هذا الإطار، فإن بدء الإستعدادات الميدانية في المجلس النيابي، للإستحقاق الرئاسي وبمعزلٍ عن تحديد الموعد للجلسة النيابية، نتيجة اللغط الذي دار حوله، هو مؤشرٌ على أن ترقّب حصول التوافق على الإستحقاق، والذي قد يتأخر وفق ما تتوقعه المصادر، التي تتخوّف من التأجيل، وبأن يلحق الإستحقاق الرئاسي بسلسلة من الإستحقاقات المؤجلة رغم أولويتها، بسبب العجز عن التوافق عليها ولأسبابٍ مختلفة، وعلى قاعدة أن الوقت غير محسوب، وذلك على الرغم من أن الآثار السلبية والخطيرة لهذا التأجيل على المشهد العام.
وأمام الإهتمام والمتابعة الخارجية اللافتة بالإستحقاق الرئاسي والذي ظهر بوضوح في الأيام الماضية، ترى المصادر السياسية المطلعة، أن عدم الإلتزام بالدعوات الخارجية الموجّهة إلى كلّ القوى السياسية من أجل إجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها، يُنذر بتجارب سابقة في هذا المجال، على صعيد المحطات الدستورية السابقة والتي تمّت مقاربتها بنوعٍ من الإستسهال الواضح وكان لبنان في حينه يملك ترف الوقت، وأمّا اليوم، فإن الوقت يضغط لأن الأخطار باتت محسوبة بالأيام في ضوء الإنهيارات المتسارعة.
ولذا، فإن الدعوة اليوم إلى جلسة انتخاب الرئيس الجديد، تنقل المقاربة السياسية وليس فقط النيابية للإستحقاق، إلى مستوى جديد، كما تُضيف المصادر، وهي تحمل أكثر من بعدٍ على صعيد العمل لتسريع كل الملفات والعناوين المطروحة، من أجل إنجاز كل الخطوات المطلوبة قبل أن يدخل المجلس النيابي، مرحلة تحوّله هيئةً ناخبة لانتخاب الرئيس العتيد للجمهورية. وبالتالي فإن مشهد الإنتخابات الرئاسية سيتقدم على تاليف الحكومة في المرحلة الراهنة، خصوصاً في حال تعثرت عملية التأليف مجدداً كمل حصل في عدة مرات سابقة، إذ تؤكد المصادر السياسية المطلعة، أن المجلس النيابي، سيخطف الأضواء اعتباراً من الجلسة الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية، بحيث سيصبح محور الحراك الداخلي كما المتابعة الديبلوماسية الخارجية، وذلك حتى انتخاب الرئيس.