Site icon IMLebanon

لا جلسة إنتخابية قريباً… “الثنائي” ينتظر “ما بعد” اليمن

 

يبدو أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يدعو الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية بعد عيد الفطر، ما لم يبرز تطوّر على هذا الخطّ، على عكس الأجواء التي ضُخّت إعلامياً، بل يتّجه الى الدعوة الى جلسة تشريعية، وذلك ليس لـ»التحدّي» بحسب قريبين منه، فهو يفضّل عدم التشريع قبل انتخاب رئيس، إلّا أنّ واقع البلد ومطالب صندوق النقد الدولي يستوجبان إقرار قوانين عدّة. هذه الجلسة التشريعية أيضاً لا يرغب بري في عقدها لـ»تطيير» الانتخابات البلدية والاختيارية بالتمديد للمجالس الحالية بحجّة عدم تأمين تمويل إجرائها. وتؤكد حركة «أمل» أنّها مع إجراء هذه الانتخابات وجاهزة لها بالتوافق مع «حزب الله» وسبق أن بدأت ماكينتاهما الانتخابية بالعمل الفعلي لها. لكن جهات سياسية عدّة تعتبر أنّ «التيار الوطني الحر» يخشى الانتخابات البلدية ويعمل لتطييرها. فهل يسايره «حزب الله»؟

 

الانشغال «الافتراضي» بالمعركة البلدية والضرورات التشريعية لا تحجب «الوهج الرئاسي». وتقول مصادر مطّلعة إنّ الملفّ الرئاسي «شغّال» على أعلى المستويات خصوصاً خارجياً. ولا يزال الحراك الفرنسي هو الأساس فيه للوصول الى تسوية تؤمّن انتخاب رئيس ضمن سلّة تحوي أقلّه اسم رئيس الحكومة العتيد. وفيما المعارضة السيادية ترفض هذه التسوية من أساسها، وتعتبر أنّ السعودية ليست في وارد الدخول فيها أيضاً، لا يزال «الثنائي الشيعي» على موقفه رئاسياً، متمسّكاً بدعم ترشيح رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية.

 

عملياً، «الثنائي الشيعي» يعطّل العملية الانتخابية الرئاسية، بعدم دعوة بري الى جلسات انتخاب وقبلها تطيير نواب «الثنائي» نصاب الجلسات. هذا فضلاً عن تمسّكه بمرشّح غير مقبول مسيحياً ويُنقل أنّه غير مقبول خارجياً، خصوصاً خليجياً، لاعتبار أنّه مرشّح «حزب الله». لكنّ لـ»الثنائي» منطقاً خاصاً، فهو يعتبر أنّه ليس المعطّل، بل من يتلطّون خلف ترشيحات وهمية ومن لا يتوافقون على مرشّحين، وخصوصاً المسيحيين، ومن أعلنوا أنّهم سيعطّلون أي جلسة تكون نتيجتها انتخاب فرنجية رئيساً. وتقول مصادر قريبة من بري: «ليتحدّونا ويعلنوا مرشّحهم ويطلبوا الدعوة الى جلسة، فيدعو الرئيس بري إليها فوراً». وتعتبر أنّ «التمسك بدعم فرنجية من حقّنا».

 

ويرفض «الثنائي» اتهامه بأنّه يفرض معادلة «فرنجية أو لا أحد»، معتبراً أنّ هذا مرشّحه ولا أسباب للتراجع عن دعمه. كذلك يعتبر أنّ فرنجية سيكون «رئيساً توافقياً»، لأنّه لن يقاتل أي جهة أو أي طرف سياسي في بيته، بل ستصبح علاقته بالأفرقاء المسيحيين الآخرين أفضل، فهو «يأخذ ويعطي»، ولا «أهداف توسّعية» له خارج زغرتا، ويُمكن أن يجلس الجميع الى طاولته. أمّا الرفض المسيحي لوصول فرنجية واعتباره مرشّح «الشيعة»، وعلى رغم أنّه عامل أساس، إلّا أنّ «الثنائي» يتخطّاه حتى الآن. وذلك لاعتباره أنّ لفرنجية حيثيتين سياسية ومسيحية وهو من بيت سياسي أنتج رئيساً سابقاً للجمهورية، و»ليس مقطوع من شجرة»، فضلاً عن العلاقة التاريخية بين عائلته والسعوديين.

 

حتى الآن، لا يزال «الثنائي» يعتبر أنّ حظوظ فرنجية قائمة، إنطلاقاً من عاملين:

 

الأول: داخلي، إذ أنّ تأمين 65 صوتاً لانتخابه ليس صعباً. وتقول المصادر نفسها إنّه «وقت الجدّ» تظهر الأصوات المؤيّدة لفرنجية، فلا يُمكن الركون الى المواقف المعلنة الآن. فعلى سبيل المثال، هناك 15 نائباً سنّياً حتى الآن أصواتهم مضمونة لفرنجية. كذلك يعوّل مؤيدو رئيس «المرده» على عدم معارضة البطريركية المارونية لانتخابه.

 

الثاني: خارجي، إذ أنّ أي دولة تتحرّك على الخطّ الرئاسي لا تدخل في لعبة الأسماء حتى الآن. والوفد القطري الذي زار لبنان أخيراً لم «يحكِ بأسماء»، بل أجرى جولة أفق واستطلع الآراء والمواقف، فاستمع ولم يقدّم أي طرح. كذلك لم يسمع بري من السعوديين «لا» لإسم فرنجية. ويعتبر داعمو فرنجية أنّ الموقف السعودي متى بات إيجابياً سينعكس توافقاً داخلياً.

 

ويبقى رهان «الثنائي» الأساس على التفاهم الإيراني – السعودي في بكين والذي بدأت مفاعيله الإيجابية تُترجم في اليمن والبحرين. وانطلاقاً من مثل «درجَ فدَرَج»، يعوّل «الثنائي» على «ما بعد اليمن»، بحيث عندما ينتهي الإيرانيون والسعوديون من ترتيب البيت اليمني ينتقلون الى البيت اللبناني، بالمرونة نفسها، وعلى قاعدة»: «ناولناكم هنا ناولونا هناك»، إشارةً الى أنّه بعد تنازل الإيرانيين للمطالب السعودية في اليمن قد تتساهل الرياض في لبنان، ضمن القواعد المتّفق عليها في كلّ المنطقة.

 

لذلك ينتهج «الثنائي الشيعي» كعادته «الصبر»، متأمّلاً نضوج الطبخة الرئاسية في وقتٍ ليس ببعيد، وقد يكون خلال أيار المقبل، نتيجةً للانفراجات الكبرى يمنياً، وذلك تزامناً مع محادثات دائمة حيال الملفّ اللبناني خارجياً، خصوصاً بين باريس والرياض والقاهرة، انطلاقاً من أنّ الخارج لم يعد يتحمّل الوضع اللبناني القائم، فأي فوضى في لبنان على حدود إسرائيل تجرّ فوضى أكبر قد تؤدّي الى حرب.

 

للسبب نفسه، قرأ البعض في إطلاق الصواريخ أخيراً من جنوب لبنان على إسرائيل، رسالة من «حزب الله» جزء منها رئاسي، مفادها «أنّنا القوة الفعلية في لبنان، فاوضونا». إلّا أنّ مصادر قريبة من «الثنائي» تؤكد أنّ أي طرف داخلي لا علاقة له بإطلاق الصواريخ، ففي ظلّ جو التهدئة في المنطقة، واللقاء السعودي – الإيراني، «هيك نكزة» ليست واردة، وليست لمصلحة أي طرف، وهي «حركة فوضوية» يُحقّق فيها. لكن في المحصّلة العمليّة، للمعارضة السيادية مرشّحها الرئاسي المعلن والذي تواظب على انتخابه، وبري هو من يعتكف عن تأدية واجبه الدستوري بالدعوة الى جلسة، بحسب جهات معارضة، و»الثنائي» مهما «جمّل» مواصفات فرنجية إلّا أنّ الأخير من صلب «محور الممانعة»، والرهان على الوقت والظروف الإقليمية لإيصاله يعني «مصادرة» «الثنائي الشيعي» موقع رئاسة الجمهورية والدولة.