«إذا مش هيدا الخميس اللي بعدو». هذا العنوان الذي يطغى على جلسات انتخاب رئيس للجمهورية. جلستان انتخابيتان والثالثة «عالطريق»، ولم يبق إلّا 17 يوماً على انتهاء المهلة الدستورية، ولا تزال غالبية الكتل النيابية «تلعب» في وقتٍ هي من تضيّعه من عمر بلد يُنازع ولا يملك هذا الترف. رئيس مجلس النواب نبيه بري يحدّد الجلسات في تواريخ تحمل دلالات ورمزيات، فيمدّ حليفه وحليف حليفه بذريعة لمقاطعة الجلسة وعدم تأمين النصاب اللازم لعقدها، كما حصل أمس الأول.
«حزب الله» غير مُستعجل ويطبخ الرئاسة على نارٍ خافتة، ولا شك في أنّ «العنب» الذي سيأكله من اتفاق الترسيم البحري سيكون له طعم رئاسي وليس بحرياً ونفطياً فقط. أمّا رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل فيحاول بدوره أن يغنم من هذا العنب، مثبتاً دوره في إقناع «حزب الله» بعدم «قتل الناطور»، فيما يؤازره الرئيس العماد ميشال عون فـ»يُسمع» الأميركيين ومن يعنيهم الأمر أنّ صهره المُعاقب بتهمة الفساد كان له دور خلال تولّيه وزارة الطاقة في وضع الترسيم على السكة.
وفي حين لا يخجل نواب «الحزب» من الحضور الى مجلس النواب من دون الدخول الى القاعة للمشاركة في الجلسة، وبالتالي تعطيل النصاب «عينك عينك»، إلّا أنّ هذا ليس مستغرباً من فريق عطّل العملية الانتخابية لسنتين ونصف السنة للإتيان بالرئيس الذي يلائمه. أمّا أن يأتي «الاستهتار» ممّن عوّل عليهم الشعب لإحداث «ثورة تغييرية نيابية» فهذا يطرح علامات استفهام عدة، خصوصاً أنّه يسهّل مهمة «حزب الله» الرئاسية بحيث أنّ سياسة عدم تبنّي أي مرشح لا تقتصر على فريق 8 آذار فقط، بل ينسحب على نواب «التغيير» وبعض الكتل والنواب المستقلّين، ما لا يحصر مسؤولية التعطيل بـ»الحزب» وحده، بل ينسحب على المعارضة التي لم تتوحد على اسم.
وفي حين يُمكن تأمين 65 صوتاً لمعوض بحسب مصادر معارضة، إذا انضمّ الى الأربعين نائباً الذين كانوا سينتخبونه في جلسة 13 تشرين، 12 نائباً سنّياً ومن بينهم نواب «الاعتدال الوطني»، إضافةً الى نواب «التغيير» الـ13، عدا عن بعض النواب المستقلين، لا يزال من الممكن إقناع نواب سنّة وآخرين بانتخاب معوض، بينما يبدو أنّ ذلك بات متعذراً مع نواب «التغيير» الـ13 الذي يرفضون اسمه لأنّه من «المنظومة»، فيما هم اختاروا سلّة أسماء من صلب اللعبة السياسية، ومنها الوزير الأسبق زياد بارود والنائب السابق صلاح حنين.
ووفق المعلومات، قبل ترشيح «المعارضة السيادية» معوض حصلت لقاءات واتصالات كثيفة بين مختلف مكوّنات المعارضة، ومن ضمنها اجتماع في «بيت الكتائب» قبل جلسة الانتخاب الأولى، شارك فيه نواب من «الكتائب» وكتلة «التغيير» و»تجدُّد» ومستقلّون إضافةً الى النائب جورج عدوان عبر تطبيق «زوم»، حيث جرى نقاش حول تبنّي سلة أسماء مشتركة لجميع مكوّنات المعارضة، فطرح معوض والنائب غسان سكاف أن يقترح كلّ من نواب «التغيير» و»المعارضة السيادية» اسماء ليتمّ الاختيار من بينها. لكن النواب الـ13 رفضوا هذا الإقتراح وتمسّكوا بسلة الأسماء التي يطرحونها فقط. وبالتالي فشلت المفاوضات وذهبت «المعارضة السيادية» في اتجاه ترشيح معوض ورفض نواب «التغيير» اعتماد «الديموقراطية» بالترشيح، على رغم أنّ معوض يحظى بأكثرية الأصوات. لذلك باتت أوساط عدة ترى أنّ مشكلة النواب الـ13 واحدة وهي أنّهم يريدون أن يلحق بهم الآخرون وأن يكونوا هم من يضبطون ايقاع مسألة الترشيح، وربما «يستميلون» «حزب الله» بعدم تبنّي ترشيح شخصية يرفضها ويعتبر أنّها استفزازية.
وفي حين أنّ «المعارضة السيادية» ستبقى متمسّكة بمعوض لأنّ هذه ورقة قوة لن تتنازل عنها، إلّا أنّها تعلم أنّها قد لا تتمكّن من إيصال مرشحها الى الرئاسة، لكنها تعتبر أنّها متقدمة على الفريق الآخر ولن تتراجع، بل على النواب الـ13 أن يصطفوا بهذا الاتجاه. لذلك تكمن أهمية تبنّي نواب «التغيير» وآخرين مستقلّين اسم معوض، في تأمين النصف زائداً واحداً لمرشح المعارضة، إذ عندها يمكنها فرض ايقاعها رئاسياً لدى ثلاث جهات:
– المجتمع الدولي لكي يفرض عقوبات على من يعطّل.
– البطريرك الماروني بشارة الراعي لكي يرفع الصوت بما أنّ هناك مرشحاً يحظى بأكثرية النصف زائداً واحداً، فيدعو من يعطّل الى تحمّل المسؤولية.
– على المستوى الشعبي، حيث يظهر للرأي العام أنّ من يعطّل هو من يفرّغ موقع الرئاسة وهو الفريق نفسه الذي يتحمّل مسؤولية ما وصل إليه البلد.