IMLebanon

الانتخابات الرئاسيّة خلطت الأوراق في 8 و14 والانتخابات النيابيّة المقبلة قد تغيّر التحالفات…

إذا كانت الانتخابات الرئاسيّة قد خلطت الأوراق بحيث انها فرّقت أصدقاء وقرّبت بين أخصام، فان الانتخابات النيابية المقبلة قد تغيّر التحالفات، وما الخلاف على قانون جديد لها سوى بداية الصراع على السلطة، إذ أن كل حزب وكل تكتّل يحاول أن يكون القانون في مصلحته ويؤمّن له الفوز بأكثرية المقاعد كي يستطيع التحكم برئيس الجمهورية وبتشكيل الحكومات وبالمصادقة على المشاريع التي يريد في مجلس النواب.

إن قانون الانتخابات النيابية سواء تم إقراره قبل الانتخابات الرئاسية أو بعدها هو الموضوع الأهم. ويحاول “حزب الله” ومن معه، نظراً إلى أهميته أن يربط بين الاتفاق عليه والاتفاق على رئيس الجمهورية. حتى إذا ما جاء هذا القانون في مصلحة الحزب ومن معه، يسهل عندئذ انتخاب الرئيس ويفعل العكس إذا لم يكن مقبولاً منه. ذلك أن قانون الانتخاب سيعيد تكوين السلطة وهو ما لا يستطيعه مجرد انتخاب رئيس. لذلك فإن “حزب الله” ومن معه يهتم بقانون الانتخابات النيابية أكثر من اهتمامه بانتخاب رئيس للجمهورية بدليل أنه أبدى استعداده للتخلّي عن سلّة المطالب إذا ما انتخب الرئيس الذي يريد أن يضمن عندئذ الحصول على هذه السلة، ولا يتخلّى عنها إذا انتخب رئيس غير مقبول منه، لا بل لن يسهل انتخاب هذا الرئيس ويعود إلى المطالبة بانتخابات نيابية قبل الرئاسية لأن نتائجها هي التي تقرر أي رئيس يصلح للبنان، وتقرّر شكل الحكم والنظام فيه.

والسؤال المطروح هو: هل يظل “حزب الله” ومن معه يماطل في انتخاب رئيس للجمهورية الى أن يتم الاتفاق على قانون جديد للانتخابات وإقراره في مجلس النواب، حتى إذا كان مقبولاً منه سهّل انتخاب أي رئيس لأنه يراهن عندئذ على الفوز بأكثرية المقاعد النيابية، وهي الأكثرية التي تحكم تطبيقاً للديموقراطية العددية التي تصبح مقبولة ولا تعود ثمة حاجة إلى تطبيق الديموقراطية التوافقية.

أما السؤال الآخر وهو مهم: كيف ستكون التحالفات الانتخابية في ضوء القانون الجديد إذا ما تم التوصّل إلى اتفاق عليه ولم يفرض استمرار الخلاف عليه تمديداً ثالثاً لمجلس النواب وربما رابعاً إذا ظل كل حزب يريده أن يكون على قياسه وليس على قياس الوطن؟

الواقع أن التحالفات القائمة حالياً قد لا تصلح لخوض انتخابات نيابية، ليس على اساس قانون جديد فحسب، بل على أساس ما تكون عليه صورة الوضع في المنطقة. هل تكون على أساس تسوية شاملة للأزمات فيها، أم تكون صورة لتوتّرات شديدة تطيل أمد الحروب فيها وقد لا يستطيع لبنان أن يظل بعيداً من تداعياتها؟

إن الانتخابات النيابية المقبلة قد تجرى محلياً بين طرف يريد إقامة دولة قوية لا دولة سواها ولا سلاح غير سلاحها، وطرف يريد دولة لا تلغي السلاح خارجها إلا بعد تحرير الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي وبعد القضاء على التنظيمات الارهابية بمختلف أشكالها وهوياتها. هذا محلياً، أما عربياً وإقليمياً وكان لا يزال الصراع قائماً بين المحاور في المنطقة، فإن أحزاباً قد تعيد النظر في تحالفاتها الحالية وفي تموضعها.

فـ”التيار الوطني الحر”، مثلاً، لا يستطيع أن يظل متحالفاً مع “حزب الله” ومع “القوات اللبنانية” في آن واحد بل عليه أن يختار بين هذا التحالف أو ذاك واعتماد سياسة خارجية واحدة في أي تحالف يختاره. فالتقارب بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” في موضوع الانتخابات الرئاسية شيء والتحالف في الانتخابات النيابية التي قد ترسم نتائجها وجه لبنان شيء آخر. فإذا لم يكن للناس رأي في الانتخابات الرئاسية لأنها تخص القادة والنواب كوكلاء عنهم، فإن لهم رأياً في الانتخابات النيابيّة عندما يؤيّدون لوائح لها سياستها ولوائح لها سياسة أخرى، ولا يمكن تشكيل لوائح واحدة لأحزاب لا يجمعها خط سياسي واحد.

لذلك لا بد من الانتظار لمعرفة هل تجرى الانتخابات النيابية قبل الرئاسيّة إذا استمر تعطيل جلسات الانتخابات الرئاسيّة، وأي قانون جديد ستجرى الانتخابات النيابية على أساسه؟ هل ستتغيّر صورة الوضع في المنطقة فيتوقف صراع المحاور بتسوية ما، أم أن هذا الصراع سيستمر ويزداد حدّة ويكون له انعكاس على الداخل اللبناني بحيث تقوم تحالفات على أساس مواقف جديدة سواء من السياسة الداخلية أو من السياسة الخارجية؟ وهل تعود الأكثرية النيابيّة التي تنبثق من الانتخابات المقبلة هي التي تحكم والأقلية تعارض، أم تظل الأقلية تشارك الأكثرية في الحكم باسم الديموقراطية التوافقية التي لا تمكّن أحداً من أن يحكم من جرّاء الخلافات بين الأفرقاء حتى على الأمور الصغيرة تطبيقاً لسياسة النكايات والكيديّة وليس خدمة لمصلحة الوطن.