Site icon IMLebanon

بين اللاعب واللعبة ومغاور النفط والغاز.. رئيس غربي لشرقي المتوسط في الجمهورية! 

 

أزاح الرئيس نبيه بري عندما انتهت جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية الخميس الماضي في 29/9/2022، وهي تحمل الرقم 1، عن ظهره جبلاً من الحسابات، والمراعاة، والاستجابات لهذه الجهة المحلية أو تلك، وهذه الجهة الأوروبية أو العربية أو هاتيك الأطراف المعنية باحترام ما يسمى مواعيد الاستحقاقات الدستورية، وعلى الأخص بعد 31 (ت1) الجاري، وهو الموعد الإجباري لنهاية عهد الرئيس ميشال عون، الذي أتعب اللبنانيين، وبعض العرب، أكثر بأشواط مما أتعبهم عهد ما قبل عهد الرئيس ميشال سليمان.

ضمن دعوة خضعت لتدقيق مدروس، رمى بري الكرة إلى حجر خصومه، وضمن لنفسه موقع اللاعب، المتحكم بالمواعيد اللاحقة، وظهر، وكأنه الحريص رقم 1 في الجلسة رقم 1 على إتمام الاستحقاق، ولعل الحسابات الأصلية للرجل، تتصل بما قيل أو يقال، عربياً ودولياً، في ورشة بدأت، ولن تتوقف، على طريق تقصر أو تطول، وجلسات تنتهي بواحدة ثانية أو اثنتين أو تصل إلى 45 أو 46 جلسة تماماً كما حصل في الحقبة الزمنية التي تلت نهاية ولاية سليمان، ومهدت لعون بعد سنتين ونصف من الفراغ في سدة الرئاسة الأولى شغلته حكومة الرئيس تمام سلام آنذاك، التي كانت تتألف من 24 وزيراً، بين التقني والسياسي، وجعلت رئيس الحكومة الأسبق يقترب من تطليق هذا المنصب بالثلاث.
بين اللاعب والحريص، والممسك بدفة اللعبة من أولها إلى آخرها، وضع رئيس المجلس، الذي عايش جمهورية «الترويكا» أيام الرئيسين المرحومين الياس الهراوي ورفيق الحريري، ورئيس «المثل والمثال» العسكري غير المجرّب للعبة السياسية إميل لحود، الذي انتهى عهده بما انتهى إليه من اغتيال كبير، تمثل باستشهاد الرئيس الحريري، واقتراب البلد من خط الانقسام، المفضي، في حالات مشابهة إلى حرب أهلية، وصولاً إلى «عهد الرئيسين» لجمهورية واحدة، مع أيام الرئيس القوي في طائفته العماد عون، الذي بعد عامين على انتخابه، دخل البلد في أتون انهيارات خطيرة، لم تقف عند بداية زعزعة الاستقرار المالي والنقدي، بل تلته إلى بدايات الخروج من دائرة الدعمين العربي والدولي، والذهاب إلى ما يشبه الكوما المالية والنقدية لدرجة بدت فيها الدولة، اللبنانية، الموسومة بدولة القانون والمؤسسات، وكأنها نمر من ورق أو كرتون، فبالكاد ترى مؤسسة واحدة تعمل بشبه استقرار أو انتظام ما خلا المؤسسة العسكرية، وبعض المؤسسات الأمنية الأخرى، وضع الرئيس بري، الذي خبر عهود الطائف كلها أجندة للحقبة الرئاسية المقبلة التي يجزم البطريرك لماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنها لن تطول، فبالتأكيد قبل نهاية 31 (ت1)، سيكون للبنان رئيس، حسب اعتقاده.
وقال في جلسة عقدت، أو شارفت على النهاية مخاطباً النواب الذين شعروا برعشة الحقيقة، وهم يشاهدون النصاب يطير أمام عيونهم، صدقوني أن لا حل إلا بالتوافق على رئيس بنتيجة الـ128 نائباً. أما كيف يكون الأمر، فبتكثيف «التشاور الحواري» حسب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بكلمة له أمس، بدا فيها، وكأنه يحمل سيف الدولة، ويقف وراءها في مهرجان البحث عن «الكنز المفقود» وراء مغاور الزمرد والياقوت، بعدما صارت نفطاً وغازاً في الحوض الشرقي – الغربي للأبيض المتوسط، الذي تتطلع أوروبا المأزومة بعد حرب أوكرانيا، إلى طاقته علّه يقيها «قرّ البرد» في أشهر الشتاء المقبلة.

في اللحظة الرئاسة المريحة، تسلَّم لبنان من سفيرة الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيا، عبر رؤوسه الثلاثة المقترح الأميركي الخطي، المصاغ بلغة مستعصية على الفهم، إلا من خبراء النفط وقوانين البحار، والجيوإيكونوميك Géoéconomics، حول ترسيم للحدود البحرية الجنوبية، يضمن حصة لبنان من ثرواته «الذهبية» ويسمح لإسرائيل، من دون صواريخ أو مسيّرات في برنامج الاستخراج والوفاء بالعقود الموقعة مع دول أوروبية، عبر شركات كبرى، تتولى الاستخراج والتوريد عبر أنابيب استحدثت أو استؤجرت لهذه الغاية.
حسب المطلعين، فإن المسار التفاوضي الايجابي، الذي أشاع أجواء مريحة في لبنان والمنطقة، من شأنه أن يقرّب المسافات الرئاسية، ليس بالأمتار أو الكيلومترات، بل أيضاً بالأيام والدقائق والثواني، في زمن نجاح الولايات المتحدة الأميركية، في معالجة واحدة من أعقد الأزمات، عن طريق المفاوضات، آخذة بعين الاعتبار التهويل بالويل والثبور وعظائم الأمور في المياه والبر، وربما الجو أيضاً.
هنا يسود الاعتقاد بأن مرحلة جديدة، قد يدخلها البلد من باب النفط مروراً بباب الرئيس إلى الأبواب والنوافذ الأخرى، إيذاناً بالتسليم بأن مرحلة جديدة، قد بدأت وأن عهد الأزمات، شارف على النهاية، مع التفاؤل، بفتح صفحة جديدة، لبنانية وعربية ودولية، تجعل من الدولة الرسمية، مرجع الأمانات والخيارات، وحسم القرارات ليس في الحرب والسلم، بل في الخروج من دوامة المحنة.

وما يدركه بري، وعلى يمينه وليد جنبلاط، ومجموعة المنظومة الحاكمة، وفي الخلفية «حزب الله» ان المدخل للحقبة الجديدة، هو في التوافق على رئيس، أي التوافق على إعادة الاعتبار للدولة بدعم عربي ودولي وإقليمي، من البحر والبر والجو… فيا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم!