Site icon IMLebanon

الإستحقاق الرئاسي مُغيّب… والحكومي “هبّة باردة” وأخرى “ساخنة” اللعب على “حافة الهاوية” مُستمرّ… وميقاتي يتهم باسيل “بالتخريب”

 

جعجع يُحرّض غريو على حزب الله… وقلق من توظيفه “للترسيم”!

وضع الاستحقاق الرئاسي في “الثلاجة” بانتظار تبلور الصورة الاقليمية والدولية والداخلية المعقدة، وفيما تعمل باريس وحدها دون خطة ومن غير قدرة على ممارسة ضغوط جدية على محاولة الوصول الى تسوية رئاسية مقبولة من كافة الاطراف، تخاض غمار معركتين اساسيتين في الداخل، واحدة منها حكومية والأخرى مرتبطة بملف الترسيم البحري، حيث بات الشغل الشاغل لخصوم حزب الله، غير المهتمين بضياع الخط 29، التركيز على “انكار” دوره في فرض الاتفاق على “الاسرائيليين”، وهو امر لن يقدم او يؤخر في شيء بعد اقرار “الاسرائيليين” بدوره المركزي. واذا كان ما يحصل تفصيل صغير في خضم ما يجري من احداث كبرى في العالم، الا انه يدل على وجود رغبة داخلية عند البعض في اللعب على “حافة الهاوية” فيما تنزلق البلاد نحو الفراغ.

 

وفي هذا السياق، يمكن فهم الهبّات “الباردة” و”الساخنة” في مسار تشكيل الحكومة، فعندما يتحدث رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، الذي يزور البطريرك الراعي اليوم شاكيا الرئيس عن عراقيل كثيرة توضع في طريق التشكيل، ويصف الشروط والإيحاءات بانها تهدف إلى خلق أمر واقع في أخطر مرحلة من تاريخ البلاد، فهو يشير بوضوح الى مسؤولية النائب جبران باسيل في “تخريب” المساعي التي كادت تصل الى “خواتيمها” السعيدة قبل ساعات.

 

وبحسب زوار رئيس الحكومة، فهو يعتبر رئيس تكتل “لبنان القوي” مسؤولا مباشرا عن فرملة الاندفاعة الحكومية بعدما اعاد خلط “الاوراق” بمطالب جديدة تبناها رئيس الجمهورية ميشال عون، وبعد ان كان التفاهم شبه منجز على تغيير ثلاثة وزراء، هم وزير المال والاقتصاد والمهجرين، طرح الرئيس فكرة جديدة تقوم على تغيير معظم الوزراء المحسوبين على الرئاسة الاولى والتيار الوطني الحر، وهو ما يعني الدخول في “بازار” لن ينتهي قريبا في ظل ضغط الوقت، بعدما كان الاتفاق على “تعويم” الحكومة مع تعديلات طفيفة فقط. وقد حاول ميقاتي توسيع مروحة التعديلات بطرح تغيير يشمل 6 وزراء فقط، الا انه لم يجد آذانا صاغية في بعبدا وميرنا الشالوحي.

 

واذا كانت مصادر “التيار” لا تنفي وجود مطالب لاكبر كتلة نواب مسيحية في البرلمان، الا انها اشارت الى ان العراقيل تأتي من “عين التينة” و”السراي الحكومي”، حيث يتم رفض التعامل بايجابية مع اي طرح رئاسي ولاسباب غير منطقية. وبات من الواضح ان خصوم العهد لا يريدون منح الرئيس اي مكسب سياسي عشية انتهاء ولايته الرئاسية، ويحاولون فرض شروطهم تحت ضغط نفاد الوقت. لكن الرئيس عون لا يمكن ان تفرض عليه الشروط التي لا يراها مناسبة حتى لو كان محشورا بالمواعيد الدستورية، والتجارب السابقة اكبر دليل على ذلك.

 

وفي هذا السياق، تلفت اوساط سياسية بارزة الى ان ما يجري الآن يندرج في اطار تصفية الحسابات بين العهد والقوى السياسية التي تعدّ وتحصي الايام بانتظار خروجه من القصر الجمهوري. فمن جهة لا يرغب الرئيس عون في مغادرة منصبه دون ان يترك ضمانات سياسة وازنة في السلطة التنفيذية للتيار الوطني الحر، في ظل الخوف من فترة فراغ طويلة، ولهذا لن يترك العهد وتياره السياسي اي وسيلة ضغط قبل نهاية الجاري لتقليل الخسائر حيث باتت القناعة واضحة بعدم امكانية تحقيق اي مكسب. فيما خصومه يصرون على عدم منحه اي جائزة ترضية مع افول عهده وليسوا معنيين بتقديم اوراق قوة لباسيل الذي سيتراجع نفوذه حتما بعد خسارة التوقيع الرئاسي، خصوصا ان “الورقة” التي يلوح بها الرئيس عون بالاعلان عن قبوله استقالة الحكومة الحالية، يعتبرها رئيس المجلس النيابي بانها “فارغة” من اي مضمون قانوني ودستوري، لان الحكومة تعتبراصلا مستقيلة مع انتخاب برلمان جديد، وهي تتولى تصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة وتتحمل اعباء ملء الشغور الرئاسي. وازاء ما تقدم الامور ستبقى معلقة حتى “ربع الساعة الاخير” قبل ان “تبصر” الحكومة “النور”، وهذا مشروط بقدرة حزب الله على التأثير لخفض سقوف الشروط المتبادلة والوصول الى تسوية معقولة ومقبولة من الطرفين.

 

في هذا الوقت، يخوض “خصوم” حزب الله معركة خاسرة في ملف الترسيم، من خلال التركيز على التقليل من دور الحزب في فرض التفاهم اذا ما وقع قريبا. وفي حملة استباقية يحاولون استغلال الموقف لعدم منحه هامشا لصرف الانجاز في الداخل اللبناني. ووفقا لمصادر مطلعة، فان رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع فاتح السفيرة الفرنسية آن غريو خلال زيارتها معراب بالامس بالموضوع، وخلال مناقشة طبيعة الانفتاح الفرنسي على الحزب، استغرب “الحكيم” هذه السياسية الفرنسية “المضرة” وغير المسؤولة لانها تمنح الحزب “اوكسيجين” خارجي دون مقابل، متسائلا عما قدمه الحزب لفرنسا مقابل ذلك؟… من جهة اخرى لفت جعجع غريو الى ضرورة عدم السماح باستغلال حزب الله للترسيم في اي استحقاق دستوري داخلي، واشار الى ان “القوات” لن تقبل باي اختلال في موازين القوى في خضم البحث بالملف الرئاسي خصوصا. ونصح باريس بان تقيم سياستها على هذا الاساس، وليس من منطلق آخر يفرض من خلاله رئيسا مقربا او محسوبا على الفريق الآخر، في ظل المعلومات عن عدم جود “فيتو” فرنسي على رئيس تيار المرة سليمان فرنجية.

 

لكن الوقائع الاقليمية والدولية والمعطيات التي يتبرع بها “الاسرائيليون” لا تتماشى مع محاولة جعجع وخصوم حزب الله “انكار” الواقع.

 

وفي هذا السياق، سخرت صحيفة “يديعوت احرنوت” من الاستراتيجية الفاشلة لحكومات “اسرائيل” المتعاقبة التي عنيت بالمفاوضات على مدى السنين، وقالت انها “تدعي بأن لبنان هو الذي تسبب بالتأخير”، ولكن الواضح أن إسرائيل أجلت الوصول إلى حل قدر الإمكان لاسباب ترتبط بالاستقرار في الشمال، لكن الم يكن من الافضل ان نفعل هذا مبكراً بمبادرتنا، وارادتنا وليس تحت الضغط وفي “الدقيقة التسعين”. وخلصت الصحيفة الى القول: “ساعد تردد ورفض إسرائيل، حزب الله، العدو المرير والأكثر خطراً الذي يجلس على حدودنا، في أن يعزو لنفسه قسماً لا بأس به من الإنجاز، ويصبح الآن الطرف الوحيد المستعد للمخاطرة من أجل لبنان. الآن تعاظم إحساس حزب الله بأن إسرائيل مردوعة منه وهي تخاف الحرب”…

 

وفي الخلاصة، لا يمكن “طمس” الحقيقة والوقائع، وتبقى النتائج مرتبطة بموازين القوى الحقيقية لا الافتراضية، في لبنان حزب الله يراكم الانجازات، بعيدا عن نقاش الخطين 23 و29، ويعزز مكانته السياسية، وكذلك “الردعية” في وجه “اسرائيل” التي ادارت حكومتها التفاوض والاتفاق بطريقة غير شفافة عشية الانتخابات، واليوم معظم الجمهور في “إسرائيل”، الذي سمع مؤخراً تحذيرات من تصعيد مرتقب، يبدو سعيدا لان حزب الله لن يحاول “عصر الليمونة” أكثر بخطوة قد تؤدي إلى انفجار، وفقا لتعبيرصحيفة “معاريف الاسرائيلية”.