تواصل القوى السياسية والحزبية المعارِضة العمل من أجل التوصل إلى مقاربة موحدة للإنتخابات الرئاسية من خلال الإتفاق على مرشّحٍ رئاسي واحد، والسعي إلى انتخابه في الجلسة الإنتخابية الثانية التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في 13 تشرين الأول الجاري. لكن الوقائع قد لا تتطابق بالكامل مع كلّ ما هو مرتقب ويجري العمل عليه في الإجتماعات المستمرة بين الكتل النيابية المعارِضة منذ الجلسة الإنتخابية الأخيرة، لا سيما وأن التوصل إلى قواسم مشتركة ما بين الكتل النيابية المعارضة والنواب المستقلين، ما زال يستلزم جهوداً مضاعفة من أجل ردم هوّة الإنقسامات في صفوف هذا الفريق، في الأيام القليلة الفاصلة عن جلسة الإنتخاب، بحسب أوساط نيابية مطلعة، وخصوصاً أن كل المبادرات التي انطلقت إلى اليوم، ما زالت عاجزة عن تحقيق أي تقدم في هذا المجال.
وفي الوقت الذي يعتبر فيه النواب المعارضون أنه من الضروري في ظل الظروف الراهنة، عدم تشتيت أصوات المعارضين على مختلف تلاوينهم، تكشف الأوساط النيابية، عن وجود أصوات بارزة في صفوف المعارضة، وتحديداً في تكتل قوى “التغيير”، ترفض مرشّح المعارضة الرسمي اليوم وهو النائب ميشال معوض، مشيرةً إلى أن ما حصل في الجلسة الإنتخابية الأولى قد يتكرّر مجدداً في هذا المجال، في حال استمر الإنقسام داخل جبهة المعارضة، والذي برّره بعض المعارضين، بأنه يعود إلى عدم التوافق في النظرة إلى معوّض، وإلى مواصفاته التي لا تلتقي مع المواصفات التي حدّدتها أطراف هذه المعارضة، والتي تتمايز بها كل كتلة عن الكتلة الأخرى، وقد ظهر ذلك جلياً في التصويت لمرشّحين ، هما معوّض وسليم ميشال إده، مقابل الموقف الموحّد للنواب والكتل التي تُصنّف في دائرة الموالاة، والتي اتفقت على التصويت بورقةٍ بيضاء.
وبعد توجيه الرئيس بري الدعوة الثانية للمجلس النيابي من أجل انتخاب الرئيس العتيد، في الأسبوع المقبل، لا يبدو أن المساعي المبذولة بين كل أطراف المعارِضة قد حقّقت تقدماً، على حدّ قول الأوساط النيابية نفسها، والتي كشفت عن أن الإتصالات قد انطلقت داخل هذا الفريق في الساعات الأولية التي تلت جلسة الإنتخابات الرئاسية الأخيرة.
وتعزو هذه الأوساط نفسها هذا التباعد في الآراء والخيارات في صفوف المعارضين، إلى التباين في النظرة السياسية والمالية والإقتصادية، وحتى العسكرية والأمنية، بين الكتل النيابية والنواب المستقلين، حيث أن الوقت يضغط على الجميع من أجل التركيز في اختيار المرشّح الذي يمثّل كلّ تطلّعات فريق المعارضة، ولكن السقوف المرتفعة التي وضعتها بعض الكتل النيابية قد جعلت من التلاقي بين كلّ الأطراف السياسية، مهمةً بالغة الصعوبة، إن لم تكن مستحيلة.
وفي هذا المجال، فإن الإجتماعات التي تحصل حالياً، تأتي في سياق تأمين الدعم لوصول معوّض، على أن يتمّ ذلك انطلاقاً من النتائج التي تحقّقت في الجلسة الأخيرة، حيث تُؤكد الأوساط النيابية نفسها، أن عقداً عدة بارزة لا تزال موجودة في مسار التوافق بين القوى السياسية الممثلة في البرلمان، وهي تتناول كل العناوين والملفات المطروحة أمام العهد الجديد.