IMLebanon

بكركي توجّه سهامها الى باريس… فهل وصلت الرسالة؟

 

 

مع تقدم عداد الايام الفاصلة عن نهاية ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والحديث المتزايد عن عجز القوى السياسية المتوقع والمرجح عن انتخاب رئيس، وربطا بالجدل القائم حول “جنس الحكومة”، ترتفع وتيرة الشحن الكلامي ومحاولات القنص والتصويب في كل الاتجاهات، املا في ارتكاب اي من الاطراف “فولا”، يسمح باحداث خرق وان على الحامي.

 

من بين الداخلين على خط المعركة، ومن اول من افتتحها، بطريرك بكركي ومتروبوليت بيروت، حيث يبدو التناغم واضحا بينهما، سائران على الايقاع و”الخط” نفسه في مواقفهما وعظاتهما، تواكبهما بيانات مجلس المطارنة الموارنة، التي باتت مهمتها دق ناقوس الخطر، تاركة للراعي تحديد السقف واللهجة في عظاته واطلالاته، حيث من الواضح ان الاخير يتخذ في تحديده لمسار معركته خطا تصعيديا بلغ ذروته في عظة الاحد.

 

عظة بطريركية ضيقت هامش الاسماء، مضيفة الى صفات الرئيس العتيد دفعة جديدة، حيث كشفت اوساط متابعة عن ان بكركي وجهت رسالتين مزدوجتين للداخل والخارج لا يمكن تجاهلهما، الاولى رفضها لنظرية اشتراط التوافق المسبق على مرشح للدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس، التي يعتمدها “ابو مصطفى” وان كان عدل في مفهوم “الطرح”، والثانية انتقاده لبعض الدول التي تقارب الملف “بخفة” غير عادية، طارحة اسماء في سوق التفاوض من خارج الاصطفافات التقليدية بلا لون او “طعمة”، في قوله “لا نريد رئيسا حياديا”، متابعة ان رسالة الخارج موجهة تحديدا الى الفرنسيين “الغرقانين لدنين” في المفاوضات مع حزب الله مقابل تامين مصالحهم الاقتصادية.

 

هنا تجدر الإشارة، إلى ان ثمة من يرى في زيارة وزيرة خارجية فرنسا والتحرك الحثيث للسفير السعودي خصوصا في الوسط السني، وكذلك موقف الولايات المتحدة الحريصة على استثمار نجاحها في تمرير الترسيم في الداخل اللبناني عبر إعادة إنتاج سلطة دستورية قادرة على حمل لواء الانقاذ عبر “ترويكا” متجانسة، دليلا على ان ضغوطا دولية قد تنتج في اللحظة الاخيرة رئيسا، وفقا لما تراه بكركي الذي باتت فاعلا اساسيا يلعب من خلف الستارة، محددا السقوف بحديها.

 

ازاء هذا الواقع الذي يضع الاستقرارَ المحلي المهتز اصلا، اجتماعيا واقتصاديا و”مصرفيا”، امام أخطار اكبر، بدأ احد المرشحين الجديين لرئاسة الجمهورية جولات بعيدة عن الاعلام على عدد من القوى السياسية بعدما ادى قسطه للعلى مع الخارج، الذي ادرج اسمه على لائحة المسترئسين، حيث تكشف المعطيات ان اسمه قد يدخل ساحة النجمة الخميس في حال قدر لجلسة الانتخاب ان يكتمل نصابها. وتتابع المصادر ان جبهة بري – جنبلاط تملك مرشحا موازيا ذا صفات تتناسب ومرشح الغرب وجزء من المعارضة يضاف اليهما التيار الوطني الحر وحزب الله، قد يرضي الفرنسيين، في حال تقرر السير بمرشح غير سياسي.

 

كل المعطيات السياسية والإنتخابية تؤشر في الظاهر الى أننا ذاهبون إلى الفراغ لسببين: الاول الضغط المباشر الذي يمارسه حزب الله على بعبدا والسراي لإنتاج حكومة ولو في ربع الساعة الأخير، والثاني عدم نجاح اي قوة اساسية او حتى مرشح في تأمين عدد الاصوات اللازمة للفوز بالرئاسة، طالما ان لعبة تعطيل النصاب ستبقى هي الحاكمة للتوازنات، وهو ما يؤرق بكركي “الخائفة” من “اخد البعض كسرة” باخراج المسيحيين من القرار الدستوري.

 

عليه لا احد يمكنه الجزم بالمهلة والمساحة الزمنية التي سيدخلها “الشغور الرئاسي”، إلا أن المعطيات تقول إن التقاطعات الخارجية والإرادات الداخلية الحرة سيتؤدي إلى اختزال زمن الشغور الرئاسي، خصوصا أن أوراقا كثيرة تكون قد ظهرت في الأشهر الثلاثة الباقية من السنة، سواء اقليميا او دوليا، ستشكل الولادة اللبنانية لمرحلة جديدة، احسن وافضل.

 

فهل يكسر كلام من اعطي له مجد لبنان الاحتكار الفرنسي للعبة، فيدرك المعنيون من اهل الخط والتغيير كيف يصوبون البوصلة ليضعوا خطة متينة توصل رئيسا قويا فعلا وقولا، انقاذيا وقادرا وصاحب موقف، الى بعبدا؟