Site icon IMLebanon

لا حماسة مسيحية دفعت بري للاعتذار… وبكركي تستعجل الانتخاب بتكثيف الجلسات

 

إطالة أمد الشغور تحمل مخاطر على الاستقرار… وأجواء التصعيد لا توحي بالاستجابة للنداءات الخارجية

 

 

ليس هناك ما يشير إلى أن مرحلة الشغور الرئاسي، ستكون محدودة أو أنها يمكن أن تكون قصيرة، في ظل الظروف التي يمر بها لبنان. لا بل إن المعطيات تجمع، أن هذا الشغور مرشح لأن يستمر طويلاً، طالما استمرت الخلافات الداخلية بشأن الانتخابات الرئاسية التي ورغم أنها تحظى باهتمام خارجي، برز بمطالبة دولية بإجراء الاستحقاق الرئاسي في أقرب فرصة، لأن لبنان لا يتحمل مزيداً من تعطيل عمل المؤسسات، إلا أن الأجواء الداخلية لا توحي بإمكانية الاستجابة للنداءات الدولية، بوجوب أن يكون عمر هذا الشغور قصيراً.

ولذلك فإنه طالما أنه ليس هناك حتى الآن حد أدنى من التوافق بشأن الانتخابات الرئاسية، حيث كل طرف يريد إيصال مرشحه إلى قصر بعبدا، فإن الأمور قد تدهب لمزيد من التأزيم، في ظل تصاعد حدة المواقف الداخلية، توازياً مع اعتذار رئيس مجلس النواب نبيه بري، عن الدعوة لطاولة حوار بشأن الاستحقاق الرئاسي، لعدم وجود حماسة مسيحية لهذه الخطوة، ولا سيما أن البطريركية المارونية، وقوى سياسية، لا ترى أن مثل هكذا حوار سيوصل إلى نتيجة إيجابية، بقدر ما أن المطلوب تكثيف الجلسات والإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، يأخذ على عاتقه إخراج البلد من مأزقه إلى مرحلة التعافي والنهوض.

ويبدو جلياً أنه بعدما انتهت ولاية الرئيس السابق ميشال عون، مسلماً الفراغ مقاليد الرئاسة الأولى، وغير آبه بالتداعيات، بدليل عدم إشارته بتاتاً لهذا الفراغ في كلمته لجمهور «البرتقالي» قبيل مغادرته قصر بعبدا، فإن لبنان دخل مرحلة شديدة التعقيد، بدت مؤشراتها واضحة، من خلال التقاصف الكلامي بين حركة «أمل» و«التيار العوني»، ما يفتح الوضع على شتى الاحتمالات، حيث يستعد «الجنرال» بعدما تحرر من قيوده الرئاسية، لاستكمال المواجهة مع خصومه، ولكن هذه المرة من «الرابية»، وفي مقدمهم الرئيس بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والذي قرر بدوره، عدم الرضوخ لأي نوع من الضغوطات من جانب عون ومحازبيه. وهو ما قد يضع لبنان على أبواب فوضى دستورية سبق أن هدّد بها الرئيس عون وصهره رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل.

 

تعليمات واضحة من ميقاتي للوزراء بعد العودة من الجزائر بالعمل كل ضمن مهامه وواجباته

 

ومن المتوقع أن يصدر الرئيس ميقاتي الذي عاد من قمة الجزائر بدعم عربي لحكومته، تعليمات إلى وزراء تصريف الأعمال بضرورة العمل على القيام بواجباتهم في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها الوطن، بصرف النظر عن الضجيج السياسي القائم، والذي لن ينتهي في ظل تصاعد حدة الاشتباك السياسي، ما يفرض تعاوناً وزارياً أكثر من أي وقت مضى، في ظل التحديات الداهمة التي تنتظر لبنان، وفي مقدمها الاستحقاق الرئاسي الذي يشكل إنجازه بوابة الحل للخروج من هذا المأزق، ومن ثم تشكيل حكومة أصيلة لمواجهة أعباء المرحلة المقبلة.

وفيما تلقت الدوائر الدبلوماسية في لبنان، تحذيرات من عدد من السفراء الأجانب، من مغبة أن تؤثر إطالة الشغور الرئاسي على الاستقرار الداخلي، وسط خشية من أن يقود التردي الاقتصادي والمعيشي على الأوضاع الأمنية في البلد، لفتت مصادر مراقبة إلى أن هناك تشديداً سعودياً وخليجياً، تعبّر عنه مواقف سفير خادم الحرمين الشريفين وليد بخاري من الملف الرئاسي، بضرورة أن يكون رئيس الجمهورية الجديد في لبنان، سيادياً واستقلالياً، وقادراً على إعادة علاقات لبنان العربية إلى سابق عهدها، أي أن يكون متحرراً من القبضة الإيرانية. وأن يدرك أن مصلحة لبنان هي في العودة إلى الحضن العربي، ليتمكن من تجاوز أزماته.

وفي حين استكملت التحضيرات، للمنتدى السياسي الذي تنظمه السفارة السعودية في لبنان، السبت المقبل في الأونيسكو، دعماً لاتفاق الطائف في الذكرى الـ33 لولادته، واصل السفير بخاري جولاته المناطقية، في إطار تأكيد بلاده الحازم على تأييد هذا الاتفاق الذي لا يزال يحظى برعاية عربية ودولية، في مواجهة محاولات الالتفاف عليه، من قبل المتضررين، في لبنان والخارج، والذين يتحينون الفرص للانقضاض عليه، والدفع باتجاه أخذ البلد نحو المجهول، من أجل خلق مناخات تساهم في إمكانية السير بنظام جديد، على أنقاض النظام الحالي. وهذا أمر بدا بوضوح أن المملكة العربية السعودية والدول الخليجية الأخرى، لن تسمح لأحد بتعريض اتفاق الطائف للخطر.

 

ويتوقع أن يكون منتدى دعم «الطائف»، مناسبة لحشد أكبر وأوسع تأييد لهذا الاتفاق، في مواجهة الذين يحاولون القفز فوقه، لإغراق لبنان بالفوضى، من خلال تعميم أجواء الفراغ وشل عمل المؤسسات، والترويج للقاءات خارجية مشبوهة، غايتها السعي لخلق الأجواء المؤاتية للانقلاب على «الطائف»، وهو ما حذر منه السفير بخاري، مؤكداً الحرص على حماية هذا الاتفاق، ومواجهة أي محاولة لاستهدافه، من الداخل والخارج.