Site icon IMLebanon

الرفاق حائرون: باسيل أم فرنجية؟

 

 

على مسافة 4 أشهر من نهاية عهد الرئيس ميشال عون، لا تبدو خيارات الحلفاء لانتخابات 2022 الرئاسية مختلفة عما كانت عليه عشية انتخابات 2016. كانت آنذاك محصورة: إما عون وإما فرنجية. وهي اليوم تتكرر: إما باسيل وإما فرنجية. فأي نهاية مرجّحة للسيناريو؟

إنتظر كثيرون أن تقود الانتخابات النيابية إلى تغيير معيّن في المجلس النيابي قد ينعكس تغييراً في تركيبة الحكومة وبرنامجها، وفي موقع الرئاسة بعد انتهاء الولاية الحالية. لكن المؤشرات أظهرت عدم واقعية هذا الاحتمال.

 

فالمجلس النيابي الجديد يدور حول الخيارات وآليات العمل نفسها التي اعتمدتها المجالس السابقة. ويمكن القول إنّ القوى «القديمة» في المجلس استطاعت أن تستوعب غالبية القوى «الجديدة» وتفرغ شعارات التغيير التي تحملها، أو أن تكشف فراغ هذه الشعارات أساساً. ولذلك، انطفأ الرهان على تغيير يمكن أن يتحقّق تالياً في السلطة التنفيذية، بعد السلطة التشريعية.

 

ولم تستطع القوى «الجديدة» داخل المجلس النيابي، على اختلاف تسمياتها بين تغييرية ومستقلة، أن تتوافَق على تسمية شخصية تمثّلها لرئاسة الحكومة، ولم تتمكن من اقتراح تركيبة حكومية وبرنامج يترجمان التغيير.

 

وهذا يعني أن لا قدرة لهذه القوى على تسمية مرشح لموقع رئاسة الجمهورية أيضا. لذلك، سيتكرر نموذج الرئيس المكلف تشكيل الحكومة. أي إن القوى السياسية إيّاها ستختار شخصية من داخل النادي. وستُمسك مجدداً بموقع الرئاسة، كما تمسك بالمجلس والحكومة.

 

وسيكون اللاعب المحلي الوحيد في ملف الرئاسة هو فريق ٨ آذار. وستدور المساومات بينه وبين القوى الإقليمية والدولية المعنية بهذا الملف، ولا سيما الولايات المتحدة وفرنسا وإيران والمملكة العربية السعودية، ولا يمكن استبعاد دمشق ضمن حدود معينة.

 

إذاً، منطقياً، في تشرين المقبل، سيبقى موقع الرئاسة للفريق السياسي نفسه. وهو سيقرر ويختار من هو الرئيس المقبل. وسيكون دور القوى الإقليمية والدولية المعنية هو التزكية، كما حصل في العام ٢٠١٦.

 

آنذاك، جرت غربلة المرشحين للرئاسة، على ٣ مراحل. في الغربلة الأولى خرج المرشحون الوسطيون أو «الضعفاء» لمصلحة «الأقطاب» الموارنة حصراً. وفي الغربلة الثانية خرج المرشحون الأقطاب المنتمون إلى فريق ١٤ آذار وحصرت المعركة داخل قوى ٨ آذار. أما في التصفية النهائية فانجلت المنافسة: العماد ميشال عون ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية.

 

اليوم، يحاول بعض القوى العودة إلى ما قبل عمليات الغربلة التي سبقت استحقاق ٢٠١٦، أي إلى احتمال اختيار رئيس «توافقي» من خارج نادي الأقطاب، لعل ذلك يُبعد السيناريو الحتمي الذي يقترب: باسيل أو فرنجية. وعلى الأرجح، تتقاطع قوى تقليدية من داخل ٨ آذار و١٤ آذار على استعادة النموذج «التوافقي» في موقع الرئاسة.

 

ولكن، عملياً، سيصطدم هذا الأمر باعتراضات مسيحية قوية. فليس سهلاً على الأحزاب المسيحية الكبرى أن تتنازل مجدداً عن الموقع، بمعزل عن صراعاتها السياسية، بعدما خاضت معارك طاحنة بين ٢٠٠٥ و٢٠١٦، ومعها بكركي، تحت عنوان: الأقوياء في طوائفهم هم الجديرون بتمثيلها.

 

وعلى الأرجح، هناك قوى دولية وإقليمية معنية بملف الرئاسة تميل أيضاً إلى إخراج الرئاسة من حصرية الأحزاب، وستضغط ليكون الرئيس «توافقياً». وهي تجد من يجاريها محلياً. لكن الفريق المُمسك بالسلطة لا مصلحة له في هذا المخرج، وعلى الأرجح سيضغط لبقاء موقع الرئاسة له حصرا.

 

وفي هذه الحال، ستبقى المعادلة: باسيل أو فرنجية.

 

وليس سرا وجود تمايز بين حلفاء الرجلين في هذا الشأن. فثمة من يرى أن فرنجية يتفوق على باسيل بالنقاط لأنه يستطيع تأمين مقدار من الدعم، من خارج الفريق الحليف سياسيا. وهذا الأمر بدا واضحاً في تجربة العام ٢٠١٦. كما أن عواصم فاعلة غربية وعربية بدت مرتاحة آنذاك إلى هذا الاختيار. ولكن، في نهاية الشوط، فرض عون حضوره على الجميع.

 

ولكن، في المقابل، وفي معيار المصلحة الاستراتيجية، يوفّر تيار عون تغطية مسيحية أكبر لحلفائه، لا سيما «حزب الله»، ولو أن فرنجية يبدو أقرب إلى الشخصية التوافقية الحاصلة على تغطية سياسية أكثر تنوّعاً.

 

وخلال الأشهر الأربعة المقبلة، سيبذل كل من باسيل وفرنجية أقصى الجهود لإقناع الحلفاء بدعمه في الرئاسة والفوز بالشوط. فهل سيجددون الولاية لعون، عبر باسيل، أم سيعتبرون أن الوقت قد حان للحليف الآخر، بعدما وَفوا بوعدهم لعون في الاستحقاق السابق؟

 

هناك من يتحدث عن احتمال اعتماد فرنجية هذه المرة وقطع وعد لباسيل بأنه سيكون التالي، بعد ٦ سنوات. فهل يرضى باسيل بهذه التسوية؟

 

يعتبر البعض أن فترة انتظار باسيل ستكون طويلة، لكن فرنجية نفسه انتظر ٦ سنوات. وقد تكون هذه التسوية الرئاسية ممكنة إذا انطوَت على مُقايضة «عادلة». فمقابل أن يكون فرنجية خلفاً لعون في موقع الرئاسة، يتم تجيير كل المكاسب السياسية والحصص داخل الحكومات لباسيل، فيبقى الأقوى مسيحيا طوال العهد. وهذه التسوية تبدأ بأن يحافظ «التيار الوطني الحر» على موقعه في الحكومة العتيدة وفي التعيينات، فلا يخسر أيّاً من نقاط قوته، لا سيما وزارة الطاقة.

 

قد تكون المقايضة واردة داخل الفريق السياسي الواحد. ولكن ايضا، لا يمكن استبعاد المفاجآت أو الدخول في فترة من المراوحة والتعثّر. وقد شهد موقع الرئاسة مثيلاً لها بين ٢٠١٤ و٢٠١٦.