في الوقت الذي لا يتوقع حصول مفاجأة من جلسة الانتخابات الرئاسية الخامسة، والأولى منذ بداية الشغور في موقع الرئاسة الأولى، المقررة، بعد غد، فإن البطريركية المارونية تبدي قلقاً كبيراً من تداعيات هذا الشغور الذي يهدّد كل المؤسسات، لأنها تخشى وجود مخطط لشلّ عملها، وإغراق البلد بالفوضى على مختلف المستويات. ولذلك كان البطريرك بشارة الراعي، واضحاً في تحذير من تداعيات هذا الوضع. وهو لا يترك مناسبة إلا ويعبّر عن مخاوفه من إطالة أمد هذا الشغور في المرحلة المقبلة، بحكم قراءته لمجريات الأمور، وما ينتظر لبنان من استحقاقات داهمة. وقد برز التحذير نفسه على لسان رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اعتبر أن انتخابات رئاسة الجمهورية تشكّل أولى الأولويات. وهو موقف يتطابق إلى حد بعيد مع مطالب بكركي والغالبية من اللبنانيين، بالنظر إلى ما يمكن أن يصيب البلد إذا تعطّلت المؤسسات الدستورية، وتعذّر انتخاب رئيس للجمهورية، وسط تساؤلات عما إذا كان هذا التطابق بين بري والراعي، قد يفضي إلى التوافق حول الرئيس العتيد؟
وقد بات من الثابت أنه بعد تأكيد الغالبية العظمى من اللبنانيين على خيار التمسّك باتفاق الطائف وحده، في مواجهة حملات المشككين به والساعين إلى تعديله أو تغييره، أن رئيس الجمهورية الجديد لن يكون من خارج عباءة هذا الاتفاق، وهذا ما بعثت به رسائل منتدى الطائف الذي نظمته السفارة السعودية بالأونيسكو، الأمر الذي يشير إلى أن الحراك الداخلي، ومن خلال المشاورات التي يقوم بها رئيس البرلمان مع الكتل النيابية، بديلاً من الحوار الذي كان ينوي الدعوة إليه، توازياً مع جهود البطريركية المارونية على هذا الصعيد، لا بد وأن يتقاطع مع الحراك السعودي – الفرنسي، سعياً من أجل التوصل إلى التوافق على شخصية تؤمن باتفاق الطائف وضرورة استكمال تنفيذه، بهدف تأمين دعمها من أوسع الشرائح اللبنانية، وانتخابها لرئاسة الجمهورية.
وترى أوساط نيابية، أن المشهد لن يتغيّر، وإن كان متوقعاً حصول مرشح المعارضة النائب ميشال معوض على نسبة مقترعين أكثر من الدورات السابقة، مقابل استمرار نواب الموالاة بالاقتراع بالورقة البيضاء، دون استبعاد أن يقترع بعضهم لاسم معين، بانتظار موقف «حزب الله» الذي قيل أنه يتجه لتبنّي ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، بعد اقتناعه بصعوبة السير في خيار رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، على أن يصار في مرحلة لاحقة إلى تسويق فرنجية، داخلياً وإقليمياً، لكن دون وجود ضمانات بإمكانية حصول توافق داخلي على شخصه، طالما استمرت المعارضة في ترشيح النائب معوض. وتشير الأوساط، إلى أن الحزب يأمل أن يساعد الرئيس بري من خلال علاقاته الداخلية والعربية، في تعبيد الطريق أمام رئيس «المردة» للوصول إلى قصر بعبدا.
وشدّدت الأوساط، على أن «الرعاية السعودية لاتفاق الطائف، بمثابة رسالة لكل الذين يحاولون العمل من أجل القفز فوق هذا الاتفاق، ولكل من يخطط للانقلاب عليه، بأن هذا الأمر خط أحمر، ولا يمكن المساس مطلقاً بالنظام اللبناني، لأن أي محاولة من هذا القبيل ستقود إلى الفتنة»، مشيرة إلى منتدى الطائف الذي لعب السفير السعودي وليد بخاري، دوراً أساسياً في إقامته، بدعم من حكومته، قوبل بارتياح بارز في الأوساط السياسية، من خلال الحضور الحاشد في الأونيسكو، وتحديداً من جانب البطريركية المارونية التي عبّرت عن ارتياحها لخطوة السفير بخاري، المدعومة خليجياً، بالتنسيق مع الدوائر الفرنسية والفاتيكانية.