Site icon IMLebanon

من يُطَمئِن اللبناني؟

 

 

«المطلوب رئيسٌ للجمهوريّة يُطَمئِن المقاومة ولا يبيعها ولا يطعنها في الظهر، نريده رجلاً شجاعاً لا يُباع ولا يُشترى ولا يخاف، على غرار الرئيس العماد ميشال عون». هذا هو الموقف النهائي لـ»حزب الله» الذي أعلنه أمينه العام السيّد حسن نصرالله. لكن هل سألَ «حزب الله» نفسَه عن مُراد اللبنانيّين من الرئيس المُقبِل؟

 

فنحن أيضاً، الشعب المقهور المنهوب المنكوب نريد رئيساً للجمهوريّة يُطَمئِن شَعبَه، ولا يَطعن شَعبَه في الظهر، نريده أيضاً رجلاً شجاعاً، لا يُباع ولا يُشترى ولا يَخاف إلّا على شعبه ولا يخاف إلّا من رَبِّه. وقد شدّد السيّد نصرالله على «أنّ الانتخابات الرئاسيّة ستترك أثرها على مدى السنوات الست وما بعدها».

 

ستّ سنوات دام عهد ميشال عون، منها ثلاث سنوات بالتمام، بين 17 تشرين الأول 2019 تاريخ انطلاقة الثورة وبين 31 تشرين الأول 2022 تاريخ نهاية العهد، كانت فيها السلطة كاملةً بين أيدي ميشال عون وتيّاره «الحرّ» و»حزب الله» وحلفائهم وأتباعهم، ومن دون أيّ وجود لأيّ صوتٍ معارض داخل الحكومة، لا «قوات» ولا «كتائب» ولا «مستقبل» ولا مستقلّين ولا «تغييريّين»، فماذا حلّ بالمواطن؟ هل من داعٍ لِتعداد الإنجازات؟ عفواً الكوارث؟

 

«حزب الله» وكأنّه لم ينتبه لـ»جهنّم» التي وصلنا إليها في عهده وعهد الرئيس السابق ميشال عون، ربّما لأنّ مالَه ورواتِبَه وسلاحَه وأكلَه وشربَه ومدارسَه ودواءَه واستشفاءَه و»قرضَه الحَسَن» وكلّ ما هو حَسَن له يأتِيه من إيران، كما يتباهى هو بذلك وعلى رؤوس الأشهاد. أصبحنا و»حزبُ الله» كأنّنا نعيش في كوكبين مُنفَصِلين. هو في كوكبه يَعيش من الصواريخ والمُسَيّرات والصراعات والحروب، ونحن، باقي الناس، نَبحَثُ عن مُدخراتنا وتعويضاتنا وعن الخبز والماء والكهرباء والدواء والعلم والثقافة والمعرفة، والفنّ والموسيقى والتطور والانفتاح والازدهار والاستقرار والابداع، وعن سويسرا الشرق ودرّة الشرقين ولبنان الحلم.

 

نعود لموقف السيّد نصرالله: «نريد رئيساً يُطَمئِن المقاومة ولا يطعنها في الظهر». فنسأله: هل إقفال المعابر غير الشرعيّة هو طعن في الظهر؟ هل ضبط المرافق الشرعيّة من المطار والمرافئ وصولاً الى الحدود البرّية ومنع التهريب والتهرّب الضريبي منها هو طعن في الظهر؟ هل إقفال مصانع المخدرات والممنوعات ومكافحة تصديرها الى معظم أنحاء العالم هو طعن في الظهر؟ هل إقفال الوسائل الإعلاميّة التي تبثّ من لبنان والتي تعادي الدول الخليجيّة ممّا يؤذي علاقاتنا الخارجيّة هو طعن في الظهر؟ هل مكافحة جرائم الإتجار بالمخدرات وخطف الأفراد وسرقة السيارات هو طعن في الظهر؟ هل تطبيق القوانين على جميع اللبنانيّين وفي كلّ المناطق فيكونون سواسيّةً في الخضوع للأحكام وفي دفع الضرائب والرسوم وفواتير الماء والكهرباء والهاتف وغيرها هو طعن في الظهر؟ هل الإصرار على الوصول الى كامل الحقيقة في تفجير مرفأ بيروت وعدم عرقلة التحقيق هو طعن في الظهر؟ وهل وهل…

 

بِعِلم التجربة والتاريخ والمنطق والديمقراطيّة والسياسة والتجارة والإدارة لا يجوز استنساخ عهود فاشلة كارثيّة والتبجّح بها والإكمال بأمثالها، إلّا إذا كان ذلك مفروضاً من إحتلال أو هيمنة أو فائض قوة. لن تَتَكَرَّر تجربة ميشال عون تحت أيّ تهويل أو وعيد. فعقارب الساعة لن تعود الى الوراء.

 

(*) عضو «الجبهة السياديّة من أجل لبنان»