IMLebanon

الفرنسيون على خطّ الرئاسة: تقطيع وقت لا أكثر!

 

 

ثمّة من يعتقد أنّ واحدة من الرسائل التي حملها خطاب الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله، في شقّه الرئاسي، وُجّهت بالبريد السريع إلى الخارج، إلى الدول المعنيّة بالملف اللبناني، وذلك عشية حراك دولي قد يضع الاستحقاق الرئاسي على طاولة البحث. وفق هؤلاء، فإنّ «الحزب» تقصّد إبلاغ من يعنيهم الأمر، بسلّة مواصفاته الرئاسية والتي تقطع الطريق على نحو حاسم وجازم أمام الكثير من الأسماء التي تصنّف بالوسطية، أو المستقلة، أو ما شابه من التصنيفات، على اعتبار أنّ الترشيحات المضادة، أو التي يعتبرها الحزب استفزازية أو من باب التحدي وتعميق الاصطفاف السياسي، غير مطروحة على طاولة البحث أصلاً. أقله من وجهة نظر قوى الثامن من آذار.

 

بهذا المعنى، يرى هؤلاء أنّ «حزب الله» سارع إلى وضع إطار عريض لمعركته الرئاسية، حتى لو لم يسمِّ نصر الله في خطابه، رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية بالاسم كأكثر المرشحين مواءمة مع المواصفات التي يرتاح إليها «الحزب»، لكنه بالنتيجة، قصده. وهنا بيت القصيد. وهو بذلك، يعيد النقاش حول الاستحقاق الرئاسي، إلى هذه النقطة بالذات. ويقفل الباب على ما عداها.

 

وفق هؤلاء، فإنّ خطاب تحديد المواصفات هذا، والذي مهّد له قياديون ومسؤولون في «الحزب» واظبوا خلال الأيام الأخيرة على سرد سلّة معايير يفترض بالمرشح الرئاسي أن يتمتع بها، يستبق احتمال حصول حراك دولي حول الملف اللبناني، قد تتولى الإدارة الفرنسية قيادته وذلك خلال قمّة العشرين التي بدأت فعالياتها في اندونيسا. وقد بادر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى الاتصال بولي العهد السعودي محمد بن سلمان حيث تمّ بحث الأخطار التي تهدد استقرار المنطقة. وقد «ركزت المناقشات بشكل خاص على لبنان، وشدد الرئيس الفرنسي على ضرورة انتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن حتى يتم تنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية الضرورية لنهوض هذا البلد. كما تم الاتفاق مع ولي العهد السعودي على مواصلة وتعزيز تعاونهما لتلبية الاحتياجات الإنسانية لشعب لبنان». فهل من مبادرة جديّة تقودها باريس في ضوء علاقتها الجيّدة مع كلّ من السعودية وإيران رغم «الوعكة» التي أصابت العلاقة حديثاً على خلفية الحراك الايراني الداخلي؟

 

في الواقع، يعتقد أصحاب هذا الرأي أنّ باريس تحاول منذ مدّة إمساك العصا من وسطها كي تتمكن من رأب الصدع بين طهران والرياض في ما خصّ ملفات المنطقة، وفي بالها العمل على استعادة بعض من نفوذها التاريخي في المنطقة، وتالياً تأمين بعض العقود والاستثمارات التجارية.

 

إلا أنّ ثمة من يرى أنّ تجربة الإدارة الفرنسية، مع الملف اللبناني بالتحديد، غير مشجّعة أبداً. وهي حاولت على مدى أكثر من محطة أن تستفيد من الأوضاع المضطربة التي كانت تعطّل الاستحقاقات اللبنانية، كي تدخل على خطّ الوساطة، إلّا أنّها لم تتمكن يوماً من تحقيق مرادها. وما الصفعات المتتالية التي تلقاها ماكرون منذ العام 2019، عقب زيارته بيروت بعد وقوع انفجار المرفأ، حيث تصدّعت مبادراته الواحدة تلو الأخرى ولم تنفع كلّ محاولات مبعوثيه ودبلوماسييه في انجاح المساعي الفرنسية، إلا دليل حسيّ على العجز الذي تواجهه الإدارة الفرنسية في حراكها البيروتي، وذلك لسبب بسيط وهو عدم تمتع هذه الإدارة بالقدر الكافي من النفوذ الذي يسمح لها بلعب دور بارز.

 

بناء عليه، يقول أصحاب هذا الرأي، إنّ المؤشرات لا توحي بأنّ المسعى الفرنسي الجديد قد يلقى أصداء ايجابية، خصوصاً وأنّ ما يتسرّب عن الرياض لا يشي بأنّها قد تساهلت في موقفها من الملف اللبناني، وهي لا تزال عند رأيها من المواصفات التي تضعها للرئيس المقبل، وقد عبّر عنها البيان الثلاثي الأميركي- الفرنسي- السعودي… مع العلم أنّ المعنيين بالملف يجزمون أنّ أي تسوية اقليمية قد تحصل ستكون «سيبتها» أميركية – ايرانية – سعودية، ما يعني لا حاجة للشراكة الفرنسية فيها.

 

ورغم ذلك، ثمة من يعتقد أنّ الخطّ المفتوح بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من شأنه أن يأخذ النقاش الرئاسي إلى مكان وسطيّ يسمح لجنبلاط بالعمل على اقناع القيادة السعودية بالمشاركة في التسوية الرئاسية اذا ما نضجت ظروفها.