Site icon IMLebanon

حزب الله التّعيين أو الفراغ الطّويل

 

الجميع كان يعرف، ولكن… كلّهم انتظروا أن ينطق “الجوهرة” أمين عام حزب الله بأنّه لا رئيس إلا من عيّنة السّابقيْن العماديْن إميل لحّود وميشال عون بوصفهما حماة ظهر المقاومة، بمعنى آخر الرّجل يقول لا رئيس إلا من يقوم حزب الله بتعيينه، يمسك حزب الله بالرّئاسات الثلاث فهو يُعيّن رئيس الجمهوريّة ورئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة، أمّا عمليّتا الانتخاب والتعيّين فليستا إلّا مجرّد تخريج صوري إلى حين تغيّر الأسلوب والطريقة!

 

الجميع كان يعرف، وكلّ الأصوات تعالت محذّرة منذ سنوات من أنّ إيران تسعى عبر حزب الله إلى تغيير هويّة لبنان، بل هويّة المنطقة العربيّة. ومع هذا تأخّرت بكركي كثيراً، تأخّرت إلى حدّ فوات الأوان، لترفع سقفها وصوتها بأنّ هناك من يعمل لتغيير وجه لبنان واستبدال هويّته بأخرى عنوانها الخضوع لمشيئة السّلاح، كأنّ كلّ ما سبق منذ العام 2005 بل منذ العام 1984 كان سعياً دؤوباً للوصول إلى هذه المرحلة، والآن فليتفضّل جميع الفرقاء ليقولوا للبنانيّين، ما العمل؟! لأنّ الجميع يعرف الآن أن لا شيء بمقدورهم فعله نحن أمام خياريْن لا ثالث لهما: إمّا الخضوع وبشكلٍ كامل ونهائيّ لحزب الله وسلاحه الذي سيتولّى ليس فقط تعيين رئيس الجمهوريّة بل تعيين كلّ المسؤولين والوزراء والمدراء في “دولة حزب الله”، منذ نطق أمين عام حزب الله بـ”الجوهرة” انتهت دولة لبنان المختطفة ودخلنا في دولة حزب الله التي باعونا فيها مجدّداً، وهذه المرّة باعتنا أميركا لإسرائيل من أجل الغاز، وفيما كان الحزب يُهلّل لانتصار التّرسيم كان يُحضّر للبنانيّين معالف الشّعير والبرسيم!

 

ودخل على الخط مجدّداً الفتى الفرنسي الأغرّ الرئيس إيمانويل ماكرون الذي جاءنا مشمّراً عن ساعديه في اليوم التالي لكارثة انفجار الرابع من آب في العام 2020 وأمهل كلّ الفرقاء مهلة خمسة عشر يوماً لتشكيل حكومة فماطلوه عاماً كاملاً وأخذوه إلى البحر وردّوه عطشاناً، حتى نجحت إيران ومعها حليفها المشرقي جبران باسيل بفرض حكومة تناسبهما، الآن استفاق ماكرون مجدّداً على لبنان وقرّر الاتّصال مجدّداً بوليّ العهد السّعودي محمّد بن سلمان لمحاولة ايجاد تسوية في قمّة بالي لأزمة انتخاب الرّئيس في لبنان، كأن ماكرون لم يبلغه إعلان أمين عام حزب الله مواصفات الرّئيس المسموح بدخوله قصر بعبدا، ماكرون في غيبوبة باعتبار أنّ المطلب الفرنسي هو تحييد لبنان عن الكباش في المنطقة والعالم وفَرْض لبنان بنداً على جدول أعمال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في بروكسل، كأنّ أيمانويل ماكرون متواطىء مع إيران على لبنان، الرّجل يبحث عن دور ما في لبنان بدلاً من الاهتمام بأزمات بلاده وأزمات أوروبا وسط خراب حرب أوكرانيا!

 

الجميع بات يعرف، أنّه في كلّ مرّة تتدخّل فيها أميركا أو فرنسا أو سواهما في العمليّة السياسيّة في لبنان يتمّ تلزيم لبنان أو بيعه بحسب مصالحهما، وهذا طبيعي لأنّ اللبنانيّين عاجزون بوصفهم قطعاناً من الماعز البرّي ولكلّ قطيع منهم كرّاز يقوده، والكرّازون لا عمل لهم سوى التّناطح لتكون الغلبة لقطيع على آخر!

 

الجميع بات يعرف أنّه إمّا رئيسٌ يفرضه حزب الله مثلما نجح في فرض التّعطيل لمدّة عامين ونصف العام حتّى نجح في فرض حليفه العماد ميشال عون عون رئيساً، هذه المرّة نحن أمام فراغٍ طويل جدّاً حتى فرض سليمان فرنجيّة في أحسن الأحوال أو فرض جبران باسيل في أسوأ الأحوال، وفي كلا الحالتين، اللبنانيّون يعرفون أنّهم بين خياريْن لا ثالث لهما إمّا التسليم نهائيّاً لمشيئة حزب الله وإلحاق لبنان بإيران وإمّا حرب أهليّة جديدة لا تُبقي ولا تذر!