تتضارب «المعلومات» التي تهطل على اللبنانيين، أو تُرمى في وجوههم، كل يوم، حول مصير الاستحقاق الرئاسي بين أن يبقى الشغور سنواتٍ طوالاً، وبين من يزعمون أن لديهم تأكيداً بأنه لن يحل الربيع المقبل إلّا ويكون قد حلّ سعيداً في قصر بعبدا رئيس جديد للجمهورية، وبأكثرية تلامس الإجماع، إن لم يكن بشبه إجماع.
طبعاً، ليس في قدرة أحد أن يقدم دليلًا واحداً على هذه المزاعم، إلا أن بوادر حلحلة يمكن أن تكون قد برزت في شكلٍ أو آخر… إلا أن ما أعلنه، أمس، رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع شكّل خطوة ملحوظة نحو احتمال (مجرّد احتمال) لتسويةٍ ما. والأمر منوط بمدى إقدام الفريق المقابل على التجاوب مع «مبادرة» الحكيم، وإن كانت خجولة وتحتاج إلى المزيد من الجهد والدأب، وخصوصاً الجدية.
واضح، حتى إشعار، أن حصر «المواجهة الرئاسية» حالياً بين الزغرتاويَّيْن الوزير سليمان فرنجية والنائب ميشال معوض ليس لها أفق أقله لتعذر تأمين نصاب الثلثين، أو الحفاظ عليه، في الدورة الثانية من الجلسة الانتخابية. فتجميع 86 نائباً يبدو شبه مستحيل في ظلّ النتيجة التي أسفرت عنها الانتخابات النيابية العامة في شهر أيار الماضي. والعكس صحيح فالقدرة على تعطيل النصاب هي غبّ الطلب والقدرة لدى الطرفين. وثمة مفارقة لافتة في «المعسكَرَين»، وهي أن القرار المعروف وغير المعلَن من حزب الله بترشيح فرنجية يبدو «نهائياً» ولا رجوع عنه، بينما قرار القوات اللبنانية وبعض الحلفاء بترشيح معوض الذي أُعلِن باكراً هو معروف ومعلَن، ولكن هل هو نهائي؟!.
ومن ذيول هذه المفارقة تنبثق بضعة أسئلة وبضع علامات استفهام:
1 – لماذا تدخل عبارة «حتى الآن» في كل كلام رئاسي يصدر عن الوزير وليد جنبلاط أو أي متكلم من نوابه وقيادييه؟ كقولهم: «مرشحنا حتى الآن هو ميشال معوض». ألا يتوقف رئيس حركة الاستقلال عند هذه العبارة الاعتراضية!
2 – إلى أي حد يبني حزب الله «البوانتاج» الرئاسي على اعتبار أن الصداقة بين الرئيس نبيه بري ووليد بك ستؤدي بسيد المختارة إلى التخلي عن معوض لمصلحة رئيس تيار المردة؟
3 – ما صحة أن الوزير جبران باسيل تلقّى «تفهماً» لموقفه من سماحة السيد حسن نصر الله عندما قال الأول للثاني: سماحتك بتعرف أنو فرنجية ما انتخب الجنرال وبقي ست سنين يشاكسنا ويحمل علينا، ورفض اقتراحكم بالتحالف الانتخابي، ولم يترك مناسبة من دون أن يتهجم عليّي شخصياً… أمام هالمشهد أترك لسماحتك أن تضع نفسك مكاني وتقرر (…).
والذي نقل لنا هذه الجزئية من ذات لقاءٍ، استفاض في الكلام، ما ليس له مجال الآن، بما فيه مطالب باسيل مقابل تأييد فرنجية والجواب الذي رد به الأخير في وقت لاحق، وهو على أي حال لم يعد سراً.
وفي عًود على بدء ثمة سؤال مركزي: أي تسوية، ومن يكون صاحب الحظ السعيد، ومتى الدخان الأبيض؟!.