كما كان متوقعاً، فإن جلسة انتخاب الرئيس بالأمس كانت كسابقاتها، مع فارق أن البعض الذي كان متوقّعاً أن يقترع للنائب ميشال معوض بدّل موقفه، وبالتالي، عاد للتصويت لـ “لبنان الجديد”، ما يعني أن اجتماع المعارضة في مجلس النواب زاد من حدّة الخلافات والإنقسامات بين كل المكوّنات التي تداعت للإجتماع، ولهذه الغاية فإن الأمور ذاهبة نحو اصطفافات جديدة، وحيث الجميع يلعب في مرحلة “الوقت الضائع” إلى حين انقشاع مسار التسوية، أو ما أفضت إليه اللقاءات التي حصلت على هامش قمة مجموعة العشرين في جزيرة بالي.
وثمة معلومات بأن موفدين لمرجعيات سياسية وحزبية غادروا في الساعات الماضية إلى باريس، لاستكشاف الأجواء الفرنسية بعد لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وكذلك ما أفضت إليه الإتصالات بين ماكرون والكرسي الرسولي في الفاتيكان، في الوقت الذي لا تبدو فيه واشنطن بعيدة عن هذه الأجواء، فهي أعطت تفويضاً للرئيس الفرنسي، وإن كان هناك بعض التباينات بين واشنطن وباريس حول بعض النقاط المتصلة بالملف اللبناني، ولكن هناك توافق بين الطرفين على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس الجمهورية العتيد.
في السياق، ينقل بأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والذي أكد أن جلسة انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية ستكون في غضون أسابيع، لا زال مصرّاً على موقفه في ظل المعطيات التي يملكها في هذا الإطار، ومن ضمنها أن ورقة رئيس “تيار المردة” النائب السابق سليمان فرنجية لا زالت تعتبر الأكثر أرجحية، وبمعنى آخر، وعلى الرغم من صداقة رئيس المجلس لفرنجية ودعم ترشيحه، إنما بري يعلم بأن جلسات الإنتخاب ستُحسَم قبل كانون الثاني المقبل.
ووفق المعلومات نفسها، فإن رئيس المجلس النيابي على بيّنة واضحة من كل ما يحصل دولياً وإقليمياً ويواكب ويتابع هذا المسار، وباقٍ في الوقت عينه على تمسّكه بترشيح فرنجية، كما يتمسّك الطرف الآخر بترشيح النائب ميشال معوض، لكن هذه الترشيحات تأتي في إطار رفع سقف الشروط السياسية، في ضوء الإنقسام الداخلي والمواقف الأخيرة ذات الطابع التصعيدي، وصولاً إلى التصويت وللمرة الأولى لفرنجية، فإن هذا التطوّر هو بمثابة الرسالة والإشارة إلى المرحلة المقبلة.
وعلى خط موازٍ، وحيال هذه الأجواء، ثمة ترقّب لبعض العناوين التي يمكن البناء عليها في سياق الحراك الرئاسي من خلال جلسة الأمس، بأن عناوين جديدة قد باتت مطروحة للسباق الرئاسي، وتتزامن مع رفع سقف الشروط من كل الأطراف، في سياق التحضير لمرحلة الحسم التي ستكون وشيكة، الأمر الذي دفع كل فريق إلى تحديد تطلعاته ومطالبه من العهد الجديد، وقد برز هذا الأمر بوضوح في التسجيلات المسرّبة لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، خلال لقاء حزبي في العاصمة الفرنسية، مما يؤشر إلى مرحلة جديدة في التعاطي السياسي بين سائر المكوّنات السياسية، حيث سينسحب من خلال اصطفافات جديدة على الساحة الداخلية.