IMLebanon

لبنان قبل وبعد شباط

 

إذا كان ذهب بالأمس إلى النّقل جديّاً عن كلام تحت الطّاولة أن لا رئيس قبل شباط فإنّ الوقائع العامّة والجلسات الأسبوعيّة التي تنعقد من باب الصورة الوهميّة تشير إلى أبعد من شباط المشؤوم لبنانياً في السّادس منه وفي الرّابع عشر منه، لا رئيس لا قبل ولا بعد شباط، لقد أثبت تكرار تعثّر وعقدة انتخاب رئيس للبلاد خلال العقود الماضية أنّ السّبب الرئيسي لهذه الأزمات هو النّظام اللبناني المعتلّ وأنّ المطلوب  هو البحث عن “نظام سياسي جديد” وقد قد يكون هذا هو الأمل الوحيد والأخير لبقاء لبنان الوطن!

 

مهما رمينا بالأزمات الجهنّمية التي تحاصر اللبنانيّين سببها سواء ماليّاً واقتصاديّاً وغير ذلك، فإنّ الأزمة الحقيقيّة التي أغرقت لبنان وشعبه وأوصلتنا إلى حضيض الحضيض داخلياً وورّطت لبنان عربيّاً ودمّرت علاقاته مع دول الخليج وحوّلته إلى منبوذ في محيطه العربي، تبقى الحقيقة الفجّة أنّ كلّ ما يُعانيه البلد وشعبه سببه حزب الله وأجندته الإرهابيّة ليس في لبنان فقط بل في المنطقة كلّها، وطالما هو مصرّ على اختطاف لبنان وشعبه رهينة الأجندة الإيرانيّة ومخطّطاتها للمنطقة وورقة مقايضة على طاوله المفاوضات النّوويّة، لن يكون هناك رئيس للبلاد سوى من يطيع الأمر الإيراني وكامل الولاء الواضح لحزب الله وأجندته!

 

فات أوان الحديث عن اتّفاق الطّائف وعدم تطبيقه، وفي الأساس الخلاصة المنطقيّة لما آل إليه حال هذا الاتّفاق فالطّائف منذ وضعه وإقراره كان فقط مجرّد رغبة دوليّة لوقف آلة الحرب لضرورة وعجلة الأجندات الأميركية الأخرى لدول الخليج، ذات لقاء صحافي اختصر الزّعيم الدّرزي وليد جنبلاط ـ بالرّغم من كلّ انقلاباته ـ “أنّنا راهناً في لبنان آخر حيث يُصادر القرار اللبناني من قبل حزب يمتد من هنا إلى الجمهورية الإسلامية”، المأزق الحقيقي الذي يعصف بلبنان كلّما عاد موعد انتخاب رئيس للبلاد هو ليس في إقرارنا بحاجتنا الأكيدة إلى نظام سياسي جديد، مأزقنا الحقيقي والمروّع أنّه لا يوجد اليوم رعاة دوليّين لا عرب ولا غرب ليطبخا “النّظام الجديد” الذي سينقذ لبنان من زوال دولته وكيانه، خصوصاً وأنّ حزب الله يُراهن على لعبة نظام “غير طائفيّ” يطبقّه الحزب بطائفيّة العدد للسّيطرة على الكيان اللبناني وإقامة نظامه لأنّنا في مواجهة حزب يملك مخطّطاً جاهزاً منذ ثمانينات القرن الماضي وقد نجح في تطبيقه بحذافيره ولم يبقَ من تطبيقه إلّا أقلّ من القليل!

 

خلاصة التجربة منذ العام 2020 أن محاولات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الموكل إليه دولياً أمر لبنان قادرة على تغيير شيء من الواقع اللبناني ولا من انتظار أوهام الإصلاح ومحاربة الفساد وتنفيذ القرارات الدوليّة كلّ هذه لن تنقذ ولن تغيّر من الواقع اللبناني المرير، نحن بحاجة إلى نظام جديد وبقوّة، لكن أوّلاً نحن بحاجة لمجتمع دولي ينقل قراريْ مجلس الأمن الدّولي الـ 1559 والـ 1701 إلى مظلّة الفصل السّابع وأن يتولّى بنفسه وضع تطبيق هذيْن القراريْن موضع التّنفيذ وإلّا سيكون الحديث عن نظام سياسي جديد مجرّد إمعان في تسليم لبنان لإيران، فليُسحب سلاح حزب الله نهائيّاً من سياسة اليوميّات اللبنانية وبعدا سيكون أيّ بحث عن نظام سياسي جديد لإنقاذٌ للبنان من نهايته الحتميّة المؤلمة جديّا وحقيقيا جدّاً، أمّا ما سوى ذلك فمجرّد أكاذيب لتقطيع الوقت وتضييعه!